
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 107
إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
الأستاذ عبد القادر بن علي المازني
رائد من رواد التربية والتعليم بهذا الوطن، ممن تركوا بصماتهم بارزة في تاريخ التعليم في بلادنا، الأستاذ المربي الفاضل، السي عبد القادر المازني. بوفاته ـ رحمه الله ـ فقد رجال التعليم في وطننا مربيا شريفا، ومواطنا غيورا، كان يمتلك إصرارا عجيبا على أداء دوره بما كان له من إيمان عميق بنجاحه في جميع المهمات التي أسندت إليه من خلال مساره الوظيفي، حيث واجه الكثير من الصعوبات، فلم يثنه ذلك على الاستمرار في عمله بكل ما أوتي من قوة ونشاط. هاجسه التعليم وكيف يصل به إلى المستوى المطلوب. لذلك، لم تثنه الإحباطات لإنجاح مساره التربوي والتعليمي والإداري. فهو ـ رحمه الله ـ من ألمع وجوه العمل التربوي و التعليمي بالمغرب. شرف هذا المجال وشرف به.
ولد الأستاذ عبد القادر المازني بمدينة أسفي عام 1936 ، ألحقه أبوه بالكتاب حيث حفظ القرآن الكريم .. كما تلقى تعليمه الابتدائي و جزءاً من تعليمه الثانوي بالمدينة نفسها قبل أن يلتحق بمدينة الرباط لمتابعة تعليمه بثانوية ” كورو”التي تسمى اليوم ، بثانوية الحسن الثاني بمنطقة حسان . وبعد حصوله على شهادة الباكالوريا، توجه إلى فرنسا (باريس ) لمتابعة دراسته العليا في جامعة السوربون حيث اختار شعبة الدراسة المقارنة الأدبية واللغوية .. كما نال شهادة التبريز في الترجمة، ليعود بعدها إلى وطنه و ينخرط في سلك التعليم الثانوي بالدارالبيضاء . عمل أستاذا بثانوية مولاي الحسن ثم انتقل ليدرس بثانوية محمد الخامس. وكان المرحوم من حين لآخر يتردد على كلية الآداب و العلوم الإنسانيه بالرباط لإلقاء محاضرات و دروس في فنون الترجمة، أبان من خلال ذلك على علو كعبه في مجال الأدب والترجمة، فترك بذلك رصيدا لا ينضب من الحب والاحترام والتقدير. فهو رجل مخلص غيور على مصلحة وطنه ، وفي أمين في عمله وأخلاقه. اتسمت قراراته في مجال تسييره وتدبيره للشأن التربوي بالحكمة والتبصر والرؤية والحزم والمسؤولية. أحب الموظفين الذين عملوا إلى جانبه وأحبوه وتفانوا في العمل معه بنفس الروح ، خلال تقلده لعدة مناصب ذات قيمة ووزن، كإدارة التعليم الثانوي بوزارة التربية الوطنية، ورئاسة المركز الجهوي للباكالوريا عام ( 1979 ) لجهة البيضاء / سطات الجديدة ابن سليمان، ثم إدارة أكاديمية إبن مسيك عام ( 1992 ) وأكاديمية ٱنفا . وكما كان مبرزا في عمله ، كان أيضا محبا للرياضة عاشقا لها، فدفعه ذلك إلى تأسيس وترأس النادي الجامعي البيضاوي لكرة اليد.
لا ننسى كذلك أن نذكر أن السي عبد القادر المازني كان قائما في وجوه البر وقضاء حوائج الناس مع البذل لهم، سواء كأستاذ ومربي فاضل أو كإداري محنك. فعرف بين أصدقائه وخلانه بكرم أخلاقه العالية وثقافته الغزيرة والمتنوعة، متمكن منها، دقيق الخبرة، إداري ناجح، كريم يعطي بدون تردد، رجل متمرس، مقنع في حواره. وتلك شيم رجالات أسفي، وفي تصوري أن الكتابة عن مثل هؤلاء الرجال الأفذاذ أقل ما يقدم لهم، خاصة أنني أجد في كل مرة ما يستحق أن يدون عن مثل السي عبد القادر المازني وغيره من رجالات حاضرة المحيط.
توفي رحمه الله بمدينة الدار البيضاء يوم عاشر ماي سنة 2004 حيث دفن بمقبرة الشهداء بعد حياة حافلة بالعطاء والتضحيات ما تزال الأجيال التي تربت وتخرجت على يده تردد صداها اليوم.