
فضائح المجالس المنتخبة..اختلالات مالية وإدارية تفجر أزمة ثقة
سارة امغار
شهدت الساحة السياسية المغربية خلال الأشهر الماضية تفاعلا قضائيا مع اختلالات وخروقات بالجملة تعرفها المجالس المنتخبة ، حيث ثبت تورط عدد من رؤساء وأعضاء المجالس في اختلالات مالية وإدارية خطيرة، تسببت في اعفائهم من مناصبهم وعرضتهم للمتابعات القضائية التي لم تقتصر على الرؤساء وأعضاء المجالس فقط بل شملت أيضا موظفين ورؤساء أقسام متورطين في هذه المخالفات.
تأتي هذه الخطوة الرامية لمحاربة الفساد الإداري والمالي بعد أن أظهرت تقارير رقابية صادرة عن المجلس الأعلى للحسابات وجود تجاوزات مالية وإدارية في تسيير بعض الجماعات المحلية. هذه التجاوزات تتنوع بين سوء تدبير الميزانيات، التلاعب في الصفقات العمومية، تضارب المصالح، وتبديد أموال عمومية. وقد دقّت هذه التقارير ناقوس الخطر، ما دفع السلطات المعنية إلى التحرك السريع لفتح تحقيقات قضائية واتخاذ إجراءات تأديبية في حق المتورطين.
التحقيقات القضائية الجارية تتناول ملفات ثقيلة تتعلق بفساد مالي وإداري طال مشاريع تنموية وبرامج اجتماعية كان من المفترض أن تساهم في تحسين مستوى العيش في عدد من الجماعات المحلية. وتشير المصادر إلى أن بعض هذه المشاريع تم تعطيلها أو تنفيذها بشكل سيء بسبب تجاوزات مالية خطيرة.
ومن بين الملفات البارزة التي يتم التحقيق فيها، ما يتعلق بتدبير الصفقات العمومية، حيث تم رصد تجاوزات قانونية في منح الصفقات لشركات مقربة من بعض المسؤولين، أو بتقديم رشاوى للحصول على هذه الصفقات، تبديد أموال عمومية وحمل الغير على الإدلاء بتصريحات كاذبة، إصدار شهادات إدارية تتعلق بالربط بالماء والكهرباء، والرخص التجارية والتعمير، فضلا عن تجهيز طريق في منطقة غير مؤهلة بهدف الرفع من قيمة الأراضي المجاورة لها، التورط في شبهات المضاربة العقارية…
تأتي هذه الإجراءات الرقابية في إطار تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد، وهي استراتيجية تبنتها المملكة منذ سنوات. كما يلعب القضاء دوراً أساسياً في ملاحقة المتورطين وضمان محاسبة المسؤولين المتورطين في الفساد. لضمان حماية المال العام والمصلحة العامة والنزاهة في تسيير الشأن العام.
عمقت هذه الخروقات بالجملة أزمة الثقة بين المواطنين والسياسيين، خاصة أن المتابعات شملت أعدادا هائلة منهم من مختلف الألوان الحزبية -أغلبية ومعارضة-، لم يتعقل بعضهم ممن وصفو قبل سقوطهم من كراسيهم بالحنكة السياسية، حتى أنهم كتبوا أشعارا في قيم الشفافية والنزاهة خلال حملاتهم الانتخابية، وانتقدوا بشكل لاذع السياسيين الفاسدين الذين يخونون الأمانة وينهبون الأموال العمومية ويسخرون مجالسهم لقضاء مصالحهم الخاصة، كأنهم يصفون أنفسهم بعد تسلق الكراسي.
إن السؤال الذي يطرح اليوم في ظل هذا الوضع المتأزم الذي يعيشه الواقع السياسي اليوم: ألا يوجد في المغرب سياسيون نزهاء؟ أو بصيغة أخرى، ألا يوجد قنفذ أملس؟ أين تتجلى مسؤولية الأحزاب في الفساد السياسي والمالي والإداري لمناضليه ومناضلاته الذين قدمت لهم التزكية على طبق من ذهب لسرقة المال العام وجيوب دافعي الضرائب.