المذهب المالكي في المغربسلايدر

المذهب المالكي في المغرب.. مدرسة تربوية إصلاحية ساهمت في بناء الشخصية المغربية – الحلقة الثالثة

إعداد : الدكتور منير البصكري ـ أسفي

ترك الإمام مالك عدة مؤلفات ، ذكرها مترجموه ، من أشهرها كتاب ” الموطأ ” وهو كتاب مبارك ، قصد فيه جمع الصحيح .. فهو إذن كتاب حديث وفقه معا ، توخى مالك في تأليفه القوي من حديث الحجاز ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين ومن بعدهم . وقد بين منهجه فيه قائلا : ” فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقول الصحابة والتابعين ورأيي . وقد تكلمت برأيي ، وعلى الاجتهاد ، وعلى ما أدركت عليه أهل العلم ببلدنا ، ولم أخرج من جملتهم إلى غيره . ”
ومن ثمة ، فإن منهج الإمام مالك رحمه الله ، كان منسجما غاية الانسجام مع البيئة التي عاش فيها وتأثر بها . وهو في منهجه هذا ، لا يقتصر على مجرد الحديث ، ولا يغلق مجال الرأي ، وإنما كان يأخذ بالرأي عندما يحتاج إليه ، ويتوسع في الأخذ به ، منسجما في ذلك مع المنهج الاجتهادي الذي ربطه بمناهج الشريعة وأهدافها . نجده كذلك يحرص على أن يربط النص الشرعي بالحياة العملية التي كانت قائمة في المدينة .. وهو ربط منحه مرونة في الاجتهاد ، ودفعه للتوسع في الأخذ بالمصلحة المرسلة . وهذا اتجاه إيجابي ينسجم مع التطور الزماني ، مما يدل على حصافة فكره وبعد نظره ، وفيه مع ذلك المخرج من الضيق والحل للمشكل .. فارتبط بذلك بالحياة العملية ، فكان أقرب إلى واقع الناس ، حيث أمدهم بكثير من الأحكام العملية التي كانت قائمة ، كما كان يستشرف الآفاق البعيدة والنظرة المستقبلية لتطبيق الفقه العملي . وهكذا ، كان المذهب المالكي في طليعة المذاهب الإسلامية نموا وازدهارا . اتسع افقه ، وتنوعت طرق معالجته لغير قليل من القضايا والمسائل الاجتماعية .. فكان مذهبا مسعفا في كل ما يحتاج غليه الناس من علاج لمشاكلهم الدينية والدنيوية . ومن ثمة ، اشتهر بأنه فقه عملي يعتد بالواقع ويأخذ بمصالح الناس . فما أحوجنا اليوم إلى فهم ثاقب وإدراك سليم ، وتطبيق عملي للمذهب المالكي إزاء مخاطر العولمة وتحدياتها ومحاذير الحداثة .
فكيف انتشر المذهب المالكي في المغرب ؟ وما هي أسباب هذا الانتشار ؟ وهو ما سنتحدث عنه في الحلقة القادمة بحول الله وقوته .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض