
بدأت الجماعات المحلية التابعة للدار البيضاء الكبرى، بما في ذلك عمالة البيضاء وأقاليم النواصر ومديونة والمحمدية، في مناقشة تعديلات مهمة على المخطط التوجيهي للتهيئة الحضرية لعام 2014، تأتي هذه المراجعات استجابةً للتحديات التي ستفرضها استضافة المغرب، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، لمباريات كأس العالم 2030، حيث يتعين على المدينة أن تجهز بنيتها التحتية للتعامل مع متطلبات الحدث الرياضي العالمي.
الوكالة الحضرية للدار البيضاء، بالتعاون مع معهد الدراسات والتخطيط بجهة باريس، أجرت دراسات معمقة حول المخطط التوجيهي السابق، واقترحت مجموعة من التعديلات لتحسين شبكة النقل وتوسيع خطوط السكك الحديدية والطرق السريعة، من بين الأولويات الرئيسية تطوير البنية التحتية حول ملعب ابن سليمان الكبير الذي سيستضيف المباريات، وتحديث الخطوط الرابطة بين البيضاء ومناطق أخرى مثل مراكش وأكادير، بالإضافة إلى تحسين المسار الخاص بالقطار فائق السرعة.
ورغم أهمية هذه التعديلات في تعزيز البنية التحتية استعدادًا لكأس العالم، إلا أن هناك تأثيرات اقتصادية واجتماعية ملموسة قد تلقي بظلالها على سكان الجهة ككل، فالعديد من المشاريع المبرمجة، خصوصًا في مجال النقل وتوسيع الطرق، ستتطلب استملاك مساحات واسعة من الأراضي، ما قد يؤدي إلى ترحيل قسري لبعض العائلات التي تسكن في المناطق المستهدفة في إطار قانون نزع الملكية في إطار المنفعة العامة. وقد عبر العديد من السكان عن مخاوفهم من التعويضات غير الكافية وصعوبة إعادة التوطين في أماكن جديدة توفر نفس مستوى الخدمات.
كما أن عمليات التهيئة والتوسيع هذه قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة في المناطق المحيطة بالمشاريع الجديدة، مما يزيد من الضغط على الأسر ذات الدخل المحدود، فالأحياء السكنية القريبة من المناطق الصناعية، والتي تعاني من تداخل بين الاستخدامات السكنية والصناعية، ستشهد مزيدًا من التغييرات التي قد تجعل الحياة اليومية فيها أكثر صعوبة، حيث يطالب السكان بمزيد من الاهتمام بالمشاريع التي تركز على تحسين جودة الحياة وتوفير بيئة ملائمة للعيش، بدل التركيز على المشاريع الكبرى دون النظر إلى التأثيرات الاجتماعية للفئات الهشة من المجتمع.
من الجانب الاقتصادي، فإن زيادة الطلب على الإسكان والبنية التحتية قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار العقارات في مناطق معينة، مما يزيد من صعوبة امتلاك أو استئجار العقارات للأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض، ومع التوسع في المشاريع التنموية الكبرى، هناك قلق متزايد بشأن خلق فجوة اقتصادية بين المناطق المتطورة حديثًا والمناطق السكنية القديمة التي قد تفتقر إلى الخدمات الضرورية، ما يساهم في تعزيز التفاوت الاجتماعي.
التعديلات المقترحة على المخطط التوجيهي تسعى لتصحيح بعض الأخطاء السابقة، مثل عدم تنفيذ بعض المشاريع الحاسمة مثل الخط الجهوي للسكك الحديدية، والتخلي عن مشروع المترو. ومع ذلك، فإن الحاجة إلى تحقيق توازن بين التنمية الحضرية واستدامة الأحياء السكنية التقليدية لا تزال تمثل تحديًا كبيرًا، يشعر العديد من السكان بأن مشاريع البنية التحتية تركز بشكل أكبر على التحضير لكأس العالم وتلبية احتياجات السياح والمستثمرين، دون مراعاة كافية لاحتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية اليومية.
مع استمرار المشاورات حول التعديلات المقترحة، يتعين على السلطات والجماعات المحلية أن تأخذ في الاعتبار التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية على السكان، فمن الضروري ضمان أن تكون التعويضات عادلة وشفافة، وأن يتم توفير بدائل سكنية ملائمة للعائلات التي ستتأثر بالمشاريع الجديدة. كما ينبغي التركيز على تحسين الخدمات والبنية التحتية في الأحياء القديمة، والتأكد من أن السكان المحليين يستفيدون من النمو الاقتصادي والتنمية الحضرية، وليس فقط المستثمرين الخارجيين.
في نهاية المطاف، النجاح في تنظيم كأس العالم 2030 يتطلب توازنًا بين تطوير البنية التحتية الكبرى والمحافظة على حقوق السكان ورفاهيتهم.