
في مدينةٍ تمتلك رصيدًا رياضيًا متنوعًا، كانت مولودية مراكش لفترة طويلة مجرد اسم عالق في أرشيف الذاكرة. فريقٌ عريق، مثقل بالتاريخ والإنجازات، لكنه ظل بعيدًا عن دائرة الضوء، يصارع بين أزمات مالية، وهشاشة تنظيمية، وفقدان الثقة من جماهيره.
غير أن هذا الموسم، كل شيء تغيّر… لا عن طريق الشعارات، بل عبر العمل الصامت.
دخلت المولودية الموسم الحالي بتغيير عميق في فلسفة التسيير. المكتب الحالي لم يلجأ إلى الواجهة الإعلامية، بل اتجه مباشرة إلى إعادة ضبط البنية التنظيمية والإدارية. قرارات استراتيجية، انضباط داخلي، وتقليص هامش الفوضى الذي لازم الفريق في مواسم سابقة.
النتيجة كانت واضحة: فريق يقاتل بروح جديدة، ينهي الموسم ضمن الثلاثة الأوائل، ويقترب من كتابة سطر مشرف قد يصل إلى الوصافة.
وبعيداً عن لغة الأرقام، هناك إشارات لا تقرأها الإحصائيات: عودة تدريجية للقاعدة الجماهيرية، والتي رغم سنوات من الفتور، بدأت تتجاوب مع ما يُبنى. الثقة، التي فقدت لعقود، بدأت تعود تدريجياً… لكنها مشروطة بالاستمرارية، والوضوح، والاحترام المتبادل.
وسط هذا التحول الملموس، ظهرت التفاتات من فعاليات رياضية مراكشية بارزة، منها من عايش تجربة الفريق، أبدت احترامها لما يجري، لكن في غياب دعم فعلي، تبقى مجرد إشارات معنوية.
لابد ان مسؤولي المدينة سبق لهم أن وقفوا بقوة خلف الكوكب، فإن المنطق الرياضي يُحتّم اليوم نفس الموقف تجاه مولودية مراكش. العدالة التاريخية تقتضي إنقاذ هذا الاسم، وإعادة الروح إلى مشروعٍ يعبّر عن وجه آخر للمدينة: وجه الأحياء الشعبية، النواة، والجمهور الصادق.
إنه الوقت المناسب للجماعة، للمجالس المنتخبة، وللمسؤولين، أن ينظروا إلى هذا الكيان بعين الجدّية، لأن ما تحقق لحد الآن يُثبت أن الفريق يستحق.
مولودية مراكش ليست فقط فريقًا يصعد في الترتيب، بل تجربة تعيد تعريف العلاقة بين النادي والمجتمع. ما تحقق هذا الموسم يجب أن يُبنى عليه، لا يُحتفل به فقط.
والرسالة الأهم حين تكون هناك رؤية وثقة، يمكن حتى للفِرق المنسية أن تعود وتنافس… بصمت، وبكرامة.