ثقافة

“للاميرة” بأسفي، محطة جذب سياحي بامتياز

إعداد : د. منير البصكري الفيلالي / أسفي 

   مما لا شك فيه، أن المغرب ومنذ عقد الستينيات من القرن الماضي ، قد أولى عناية واهتماما بالسياحة، حيث اعتبرت أداة لتحقيق التنمية وطنيا وجهويا ومحليا، نظرا لما تتمتع به بلادنا من تنوع طبيعي وغنى حضاري، وما تزخر به من مؤهلات طبيعية وثقافية متنوعة، ومواقع سياحية، ومآثر تاريخية من شأنها تطوير النشاط السياحي بصفة عامة، والسياحة البيئية بصفة خاصة .. مما جعل من المغرب نقطة جذب سياحي بامتياز وقبلة مفضلة لدى السياح الأجانب بشكل خاص.
ومعلوم أن السياحة البيئية، هي نمط من أنماط السياحة التي يلجأ إليها الإنسان بغية الترفيه والترويح عن النفس والاستمتاع بما تقدمه من أنشطة متنوعة ، نذكر منها على سبيل المثال:
ـ تسلق الجبال ..
ـ تأمل الطبيعة واستكشاف ما فيها من أسرار ربانية ..
ـ التمتع بمناظر الأودية والأنهار والجبال ..
ـ الاستمتاع بتغاريد الطيور وأصوات الحيوانات ..
ـ ممارسة الرياضات المائية وغيرها من الأنشطة التي ترتبط بالسياحة البيئية ..
كل هذا ، يبرز ما للسياحة البيئية من معالم جمالية ، يمكن توظيفها لتصبح عنصرا فاعلا وأساسيا في اقتصاد البلاد ، ومنتوجا سياحيا3 قابلا للترويج والتسويق 4، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي .
وتأسيسا على هذا الأمر ، يعتبر المغرب بلدا سياحيا متميزا ، يتمتع ـ كما أشرنا سابقا ـ بمؤهلات سياحية متنوعة ومتعددة ، انطلاقا من موقعه الجغرافي المتميز ، ومناخه المعتدل  وطبيعته الخلابة ، وتوفره على مناطق صالحة لكل أنواع السياحة ، نظرا لتنوع مؤهلاته من صحراء وسهول وغابات وجبال ، ومدن أثرية عتيقة ، وحضارة عريقة .
ومدينة أسفي ، بما لها من مؤهلات طبيعية ، ومقومات سياحية ، غدت نقط جذب ومركزا ذا أهمية سياحية مرموقة .. وبالتالي ، فهي  تؤمن عرضا سياحيا5 متنوعا ، وسوقا جذابة تستأثر بطلب سياحي متجدد ودائم . ومن بين أجمل المحطات السياحية الجميلة في أسفي ، موقع “للاميرة ” الذي يجمع بين سحر الطبيعة وأصالة الموروث الثقافي الذي يتسم بنوع من العفوية والانطلاق . فهو متنفس جميل ، ومجال مهم لإبداع.

بالنسبة لهذا المكان يقال: بان ” للا ميرة ” ولية صالحة، جاءت من افريقيا السوداء، كان لون بشرتها اسودا، حلت بالمكان للتعبد حيث الماء والخضرة . فمكانها للتطهر والتبرك ، فهي اذن تمثل عقيدة شعبية عريقة مرتبطة بالخصوبة والولادة والزواج .. والله اعلم . .
ومن هذا المنطلق ، يطرح التساؤل التالي: كيف ينبغي تثمين هذا الموروث السياحي وجعله منتوجا سياحيا بامتياز، يتماشى مع متطلبات السوق السياحية؟
لا شك أنه أصبح من الضروري وضع خارطة طريق لتفعيل هذا المنتوج السياحي، حتى يسهم في بنيات الاستقبال وترقية الخدمات ، إلى جانب استحداث أنشطة أخرى لعرض المنتوج التقليدي المحلي بمختلف صيغه ..
ومن ثمة  يجب :
ـ تكوين مرافقين سياحيين من الشباب المحلي ، أي من المنطقة ذاتها .
ـ تكوين وتأطير مرشدين سياحيين لهم إلمام كبير بالمنطقة ( مدخلاتها ومخرجاتها )
ـ توفر شبكة معلوماتية محددة تزود السائح بالمعلومات اللازمة عن المنطقة
ـ إدارة سليمة للموارد الطبيعية والتنوع الحيوي بطرق مستدامة بيئيا .
ـ وضع قوانين فاعلة لاستيعاب أعداد السياح وحمايتهم ، بل وحماية الموقع في الوقت ذاته
ـ دمج سكان المنطقة وتوعيتهم ، وتثقيفهم بيئيا وسياحيا ، وتوفير مشاريع اقتصادية للدخل من خلال تطوير صناعات سياحية نابعة من صميم البيئة الآسفية  وتحسين ظروف معيشتهم
ـ التعاون من أجل إنجاح السياحة في هذه المنطقة بتعاون مختلف القطاعات المختصة بالجانب السياحي
إضافة إلى ما سبق ، لا بد من اتخاذ مجموعة من الإجراءات العملية بهدف تأطير وتنظيم السياحة في منطقة سيدي بوزيد ، نذكر من ذلك على سبيل المثال لا الحصر :
ـ احترام الفضاء السياحي لموقع ” للاميرة ” والقوانين المتعلقة بقضايا البيئة والمحافظة على التراث الحضاري .
ـ مراعاة القدرة الاستيعابية للسياح الوافدين على المنطقة ، تيسيرا لمقام أفضل يستجيب لرغبة السياح في توفير حاجياتهم.
ـ تنمية الوعي السياحي لسكان المنطقة ..
ـ اختيار وسائل نقل السياح مريحة ..
إن تفعيل السياحة بمنطقة سيدي بوزيد عموما وموقع ” للاميرة “بالخصوص ، لا بد له من مقومات يستند إليها .. وما نراه حاليا ، لا يستجيب لتحقيق نهضة سياحية مرغوب فيها ،  خاصة على مستوى البنيات التحتية والمرافق الضرورية ، مما يطرح أسئلة كثيرة من قبيل
ـ ماذا اعددنا للسياح في هذه المنطقة التي لا تخلو من جمالية رائعة وفضاءات جميلة تغري الناظرين ؟
ـ كيف يمكن تسويق المنتوج السياحي وهو يفتقر إلى أدنى مقوماته ؟
ـ ما هي استراتيجية إنعاش هذا الموقع السياحي الحيوي بمدينتنا ؟
لا أحد يشك في أن لهذه المنطقة مقومات وإمكانات تؤهلها لتكون فضاء سياحيا بامتياز على حد ما ذكرنا سابقا . لكن الواقع يفيد بأن هذا المجال ، لم يتم استثماره واستغلاله بعد ، بالشكل المطلوب ، على الرغم من توافر المؤهلات السالف ذكرها ، حتى يتم استقطاب أكبر عدد من السياح ، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي .. ومع ذلك ، يبقى مجال السياحة في هذه المنطقة  خصبا وحديثا ، لم يتم استثماره ، مما يتطلب الالتفات بشكل أقوى إلى مثل هذه الوجهات السياحية الغنية ، وذلك بالرغم من الجهود التي بذلت وما تزال تبذل لإعطاء منطقة سيدي بوزيد المكانة اللائقة بها  .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض