ثقافة

صدى نساء أسفي في التاريخ -الحلقة الثالثة

     إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

  وإلى جانب باقي المدن المغربية ، تزخر مدينة أسفي بالعديد من النساء الفاضلات عبر تاريخ المدينة . فمنهن الفقيهات والمدرسات والمتصوفات والزاهدات والعالمات والواعظات والمرشدات والمجاهدات المناضلات ضد غطرسة الاستعمار الفرنسي البغيض، والأديبات والشاعرات وصاحبات الريادة في المشاريع والأعمال ..
      
من هذا المنطلق ، جاءت هذه المحاولة المتواضعة لرد الاعتبار لنساء مدينة أسفي ، ولتكن بذرة ثقافية تنتظر من يغنيها وينميها بالمعرفة بغية التوسع في البحث والتنقيب عن أسماء نساء أخريات ، قدمن الكثير في حياتهن ولم يلتفت لهن أحد .. واللائي لا نجد لهنّ صدًى ولا أثرًا في الكتابات الإخبارية ، لأنهنّ بقين في فضائهنّ التقليدي أمّهاتٍ ورباتِ بيوت، يضطلعن بمهمّات التربية والأشغال المنزلية.
         
إنّ نساء هذه الفئة ، بهمومهنّ وانشغالاتهنّ وسلوكهنّ وما أُنيط بهنّ من مسؤوليات، ونوعية المهن أو حِرف زاولنها، جاء صداها في نوع خاص من المصادر مثل النوازل وكتب الرحالةإلخ ، وهو أمر لا يسمح بالتعرف إليهن على نحو جيّد، ولا سيما حينما يتعلق الأمر بالحقب التاريخية البعيدة ؛ إذ إنّ المقارنة بينها وبين العهود القريبة خصوصًا القرن العشرين ، تُبيّن الفرق بين زمنٍ كانت فيه المرأة موضوعًا لخطاب الإخباري أو غيره ، وزمنٍ آخر أصبحت فيه ذاتًا وموضوعًا في الآن نفسه؛ ومن ثمة ، صارت المعلومات عنهن أكثر وفرة ودقّة نسبيًّا . لهذا ، تدعو الحاجة ليوم إلى إنعاش الذاكرة باستحضار النساء من خلال أدوار مختلفة قمن بها، لم تحظَ بالعناية اللازمة .. ونحن نتحدث عن صدى نساء أسفي في التاريخ ، لا ندّعي الإحاطة بكلّ ما كُتب في هذا المجال ولا تغطية كلّ ما نُشر، بل نكتفي بما هو متاح من بين النساء اللائي أُلقي عليهنّ ضوء خافت ساهم في إنقاذهنّ من النسيان بحثيًّا بصفتهن نصف المجتمع . ولعل   التحوّلات والانتقالات المختلفة التي شهدها المجتمع ، أثّرت على نحو خلخل البنى التقليدية العتيقة، ومعها  تقسيم الأدوار والفضاءات ، بحيث  صار الاهتمام بالنساء في إطار مقاومة الاستعمار وطبيعة مساهمتهنّ جنبًا إلى جنب مع الرجال، وكذلك في إطار جمعيات تساهم في نشر الوعي والدفاع عن بعض القضايا التي فرضت نفسها، إلى جانب إسهامهنّ في تأطير الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .. كل هذا وغيره  أصبح من بين التحدّيات المطروحة لنهضة البلاد ، فلا غرو أن ينتقل الاهتمام من النساء بصفتهنّ أفرادًا وحالاتٍاستثنائيةوأحيانًامعزولةإلى الاهتمام بقضايا تمسهنّ بصفتهنّ نصف المجتمع كما سلف الذكر.
 
وعلى هذا الأساس ، أحببنا أن نولي العناية اللائقة بالمرأة في مدينة أسفي ، وهو عمل يندرج ضمن اهتمامنا بما تركه رجال ونساء حاضرة المحيط في تاريخ المدينة . ولعل المتتبع للشأن النسوي في أسفي عبر التاريخ ، سيندهش لمختلف الإنجازات والأعمال الجليلة التي قدمتها نساء المدينة على غير قليل من المستويات ، فكان لها الصدى المدوي .. وكان لا بد من الوقوف على ذلك ، لتعرف الأجيال حقيقة ما كان لهؤلاء النساء وأولئك من حضور متميز لما هن له أهل وبهن جدير . كما لا تخفى المكانة الرفيعة التي لهن في مختلف السوح التعليمية والتربوية والعلمية والثقافية والاجتماعية ، مشهود لهن بالصدق والإخلاص والصبر والتضحية والتفاني في أداء رسالتهن .

يتبع…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر + ثلاثة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض