
قانون محاكمة الوزراء يواجه تأجيلات متكررة لخلافات حول مواده
الطاهر بنشــواف
لم يتمكن المجلس الحكومي من المصادقة على مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي أعده وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، على الرغم من ان مناقشته استمرت منذ 3 يونيو الماضي. المشروع الذي عملت الأمانة العامة للحكومة على صياغته لمدة تزيد عن ستة أشهر، يواجه تأجيلات متكررة بسبب خلافات بين الوزراء حول عدد من مواده، خاصة تلك المتعلقة بكونه متلائما مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، والتي تتطلب توفير تجهيزات لوجستية، إلى جانب نقاط حساسة تتعلق بكيفية محاكمة كبار المسؤولين الحكوميين.
وفي محاولة لحل هذه الخلافات، يعقد محمد حجوي، الأمين العام للحكومة، اجتماعات مطولة بهدف التوصل إلى صيغة توافقية ترضي جميع الأطراف الحكومية، إلا أن بعض البرلمانيين يرون في هذا التأخير دليلاً على وجود بيروقراطية تعرقل سير العمل القانوني، مطالبين بتأجيل المصادقة على المشروع إلى ما بعد الانتهاء من مناقشة مشروع قانون المالية لعام 2025، والذي يحتاج قرابة شهرين للتداول بين مجلس النواب ومجلس المستشارين.
في هذا السياق، أعرب حزب الأصالة والمعاصرة عن قلقه إزاء تأخير إحالة بعض مشاريع القوانين على البرلمان، محذرًا من احتمال إحالتها في عام 2026، وهو ما قد يعرقل المناقشات الجادة، لا سيما أن السنة الانتخابية ستحد من إمكانية إجراء تعديلات جوهرية.
أحد أبرز نقاط الخلاف تمحور حول المادة 3 من مشروع القانون، التي تحد من قدرة الجمعيات على تقديم شكايات ضد المسؤولين المتورطين في قضايا الفساد. هذا البند أثار غضب العديد من جمعيات حماية المال العام، التي اعتبرت أنه تقييد لحقها في مقاضاة الفاسدين. من جهته، رد وزير العدل بأن لكل فعل قانوني إجراءاته الخاصة، وأن الهدف من هذه المادة هو حماية المواطنين من عمليات النصب والابتزاز.
رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بشير الراشيدي، عبّر عن معارضته لهذه المادة، داعياً إلى تمكين الجمعيات من تقديم الشكايات، وحماية المبلغين والشهود، وتفعيل فصول أكثر صرامة لمكافحة الإثراء غير المشروع.
وعلى صعيد آخر، شمل مشروع المسطرة الجنائية بنداً يتعلق بكيفية محاكمة كبار المسؤولين في البلاد، من ضمنهم رئيس الحكومة، والولاة، والعمال، ورؤساء المحاكم، والنيابة العامة. ينص القانون على تقسيم هؤلاء المسؤولين إلى ثلاث فئات وفقًا للمادة 265 -1. الفئة الأولى تشمل رئيس الحكومة، ورئيس المحكمة الدستورية، والوزراء، ورؤساء البرلمان، والولاة والعمال، فيما الفئة الثانية ستضم قضاة محاكم الاستئناف والقضاة العاملين بمحكمة النقض، أما الفئة الثالثة فتشمل ضباط الشرطة القضائية.
وتحدد المادة 264-1 أن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض هو المخول الوحيد بمنح الإذن لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد هؤلاء المسؤولين في حال ارتكابهم جرائم، سواء كانت مالية أو جنائية، بما في ذلك وضعهم تحت الحراسة النظرية أو إخضاعهم لتدابير المراقبة القضائية، أما في حال تورط الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أو رئيس النيابة العامة، آنذاك فستتولى لجنة خاصة مكونة من كبار القضاة التحقيق في الأمر ومتابعة الإجراءات اللازمة.