أخبار دولية

الضغط الأمريكي على أوكرانيا و صراع ترامب مع زيلينسكي وسعي الدول الأوروبية إلى تعزيز دفاعاتها بعيدا عن الدعم الأمريكي

شهد البيت الأبيض في 28 فبراير 2025 صدامًا غير مسبوقاً بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، مما أبرز الخلافات في المواقف الدولية حول النزاع الأوكراني. بدأ هذا التصعيد بعد إتصال هاتفي جمع ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 12 فبراير المنصرم ، والذي وصفه ترامب بـ”الطويل والمثمر”، مما أظهر نية ترامب في تحسين العلاقات مع روسيا ومحاولة إيجاد حل للصراع بعيدًا عن تدخل أوكرانيا أو الاتحاد الأوروبي. مما حتم على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التحرك ودعوة قادة أوروبا في منتصف فبراير لعقد اجتماعين في باريس لتنسيق الدعم الأوروبي لأوكرانيا، وهو ما كشف عن انقسام واضح في التحالفات التقليدية.

لم تسفر هذه الاجتماعات عن تقدم ملموس، حيث زار ماكرون وقيادات أوروبية واشنطن في نهاية فبراير المنصرم لفتح مفاوضات مع ترامب، إلا أن الأمور تأزمت في 28 فبراير عندما قرر زيلينسكي تجنب ارتداء البدلة الرسمية في اللقاء، وأثار ذلك اعتراضات حادة. في الإجتماع، وفي ذات اللقاء هاجم ترامب زيلينسكي بشدة، مشيرًا إلى أن أوكرانيا تعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي وعليها شكر أمريكا و الإمتنان لها دون تقديم ضمانات أمنية، كما اتهمه بتصعيد الوضع وقد يتسبب في حرب عالمية ثالثة. كما أشار إلى أن الولايات المتحدة قد قدمت بالفعل 350 مليار دولار لأوكرانيا، وهو ما اعتبره كافيًا، وشدد على ضرورة التوصل إلى تسوية مع روسيا دون التدخل الأوكراني.

وفي نفس الاجتماع، قال نائب الرئيس الأمريكي جي. د. فانس إن الولايات المتحدة تسعى إلى إنهاء “تدمير” أوكرانيا، ولكنه انتقد إصرار زيلينسكي على إرسال الجنود إلى خط المواجهة بسبب نقص الأعداد. هذا الصدام أظهر عمق الخلافات بين الإدارة الأمريكية وأوكرانيا بشأن طريقة التعامل مع الصراع. بعد هذا الصدام، كانت هناك تحركات من دول أوروبية لدعم أوكرانيا، حيث عقدت 11 دولة من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب أوكرانيا وكندا والنرويج وتركيا، اجتماعات في لندن في 2 مارس 2025. تم التركيز على تعزيز دور أوروبا في ضمان أمن أوكرانيا، مع الحفاظ على الدعم الأمريكي. كما أعلنت المملكة المتحدة عن تقديم 1.6 مليار جنيه إسترليني لأوكرانيا لدعم تجهيزاتها العسكرية، بينما أبدت فرنسا استعدادها لفتح ملف الردع النووي الأوروبي.

التداعيات السياسية لهذا الصدام واضحة، إذ قد تؤدي إلى توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، مما يضعف موقف كييف في مواجهة روسيا. وفي الوقت نفسه، تسعى الدول الأوروبية إلى تعزيز استقلالها الدفاعي عن الولايات المتحدة، خاصة في مجالات الردع النووي. فهل سيكون هذا الدعم الأوروبي كافيًا لتعويض أي تراجع في الدعم الأمريكي، في حال قرر ترامب تقليص المساعدات لأوكرانيا؟
لكن الأيام القادمة، خاصة قمة الاتحاد الأوروبي في 6 مارس 2025، ستكون حاسمة لتحديد المستقبل السياسي والعسكري لأوكرانيا.

المصدر: المعهد المغربي للعلاقات الدولية (IMRI)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

16 − ثلاثة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض