ثقافة

المجلس الأعلى للسلطة القضائية يُعيد الاعتبار للتكوين الصحافي

قضاة يتلقون تكوينا في الصحافة، وصحافيون يتخصصون في مهنة القضاة

عبد اللطيف أفلا

لأن سلطة محنة الحقيقة بمصداقيتها وأخلاقياتها، أسوة بهدهد سليمان، لازمت وكذلك ستلازم الحياة الإنسانية إلى أن تقوم الساعة، فإن اعتمادها في كل حركة و سُكون بكل الاتجاهات لا محيد عنه لتنوير المسامع، وتصحيح المغالطات بنشر حقيقة وصدق الأحداث دون زيف أو تأويل، ثم تأريخها باستمرار دون توقف، وهو ما لا يخفى على كثير من الناس وعيا وإدراكا منهم بأهمية الصحافة والإعلام، بيد أن التطفل على هاته الرسالة، مسها مس سوء حتى غدت دون إنكار، مهنة ما لا مهنة له.

 وقد شكل غياب شعب الاختصاص العميق في التكوين الصحفي بالمغرب باستثناء المجال الرياضي، عاملا من بين عوامل ضعف الاحترافية والمهنية القوية والإلمام الكبير لدى بعض الصحافيين، حيث أنك لا تجد صحافيا متخصصا في الفن التشكيلي، أو الآداب أو الفقه الإسلامي، أو في ألحان العزف والغناء، والعلوم والقوانين .. بل تجد فاعلا في مجال ما، هو من يشرف أو يقدم برنامجا ويحاور ضيوفا دون أن تكون له دراية بالصحافة الإعلام، وشيء آخر تجدك تتابع ضيفا على برنامج، أو ناطقا إعلاميا ينوب على مجلسه الإداري في الرد على أسئلة المنابر الإعلامية، بل حتى وزيرا، لا دراية له بكيفية التعامل مع الإعلام، خاصة المرئي منه، شيء آخر ما علينا أ نغفل بأن ثمة فعلا، علاقة متوترة بين المثقف والتلفزيون، لأن التلفزة منذ بدايتها كما قرأها متخصصون، تؤسس لما يسمى ب”فاسط تينكينغ” أي تختار الذين يفكرون بسرعة ثم يجيبون بما قل ودل، ضيوفا أعزاء، والسبب عدم معرفة المفكر والفيلسوف وكثير من المثقفين والسياسيين بتقنيات تحرير البلاغات، وقواعد حضور البرامج الحوارية والتصريحات الصحافية وغيرها من الأجناس الصحافية.

إن ما قام به المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب، يعد أكبر وأرفع تقدير واعتبار لمجال التكوين الصحفي بالمغرب، بل يشكل رافعة حقيقة للصحافي المهني وتنقية المهنة من الدخلاء والمتطفلين، بل أكثر من ذلك اعتماد قضاة ذوو خبرة في أن يكونوا ناطقين رسميين بمهنية.

تم يومه الأربعاء 18 دجنبر 2024 بالعاصمة الرباط، التوقيع على اتفاقية إطار للشراكة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمعهد العالي للإعلام والاتصال، تهم التكوين المستمر المتخصص، والاستشارة المتخصصة والتظاهرات المشتركة، وقعها الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومدير المعهد العالي للإعلام والاتصال.

وهي اتفاقية سيتم بموجبها تعزيز قدرات القضاة الناطقين الرسميين باسم المحاكم في مجال التواصل، وتعميق المدارك القانونية والقضائية للطلبة الصحفيين والصحفيين المهنيين، بحسب ما جاء في البلاغ المشترك الصادر عن الطرفين.

وسيستفيد القضاة بجل محاكم المملكة المغربية من دورات تدريبية لتكوين الناطقين الرسميين باسم المحاكم، بل حتى كيفية تحرير البلاغات والتصريحات الصحافية، وكيفية المشاركة في البرامج الحوارية، وتقنيات التعامل مع وسائط التواصل الاجتماعي والتواصل الرقمي، فضلا عن التزام المعهد بفتح شعب متخصصة للقضاة والعاملين بالمجلس، كما أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية سيقدم بدوره، مساهمة في تكوين الصحفيين والإعلاميين في المجالات القانونية والقضائية المرتبطة بأدوار ومهام المجلس، وتقوية معرفتهم وإلمامهم بالثقافة القانونية المتعلقة.

ومن هنا نُحيي المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمعهد العالي للإعلام والاتصال على إعادة الاعتبار للتكوين الصحافي في زمن هو بحاجة ماسة إليها، فعسى أن تحذو باقي القطاعات الحكومية والإدارات والمؤسسات العمومية حذو هذا التوجه والاعتراف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرة − ستة =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض