
الصحراء المغربية: سيادة راسخة، تنمية شاملة، ودور محوري في تعزيز الاستقرار الإقليمي
MCG24
لطالما كانت الصحراء المغربية قضية مركزية في السياسة الخارجية المغربية، حيث تمثل ليس فقط مسألة إقليمية، بل رمزًا للوحدة الوطنية والسيادة. منذ استعادة المغرب لأراضيه الصحراوية في عام 1975 من خلال المسيرة الخضراء التاريخية، عملت المملكة بلا كلل لتطوير المنطقة ودمجها في النسيج الوطني. هذه الجهود لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت مدعومة بروابط تاريخية وثقافية عميقة تمتد لقرون، حيث كانت المنطقة جزءًا من الإمبراطورية المغربية قبل الاستعمار الإسباني، وكان سكانها يبايعون السلاطين المغاربة. في عام 1975، نظم الملك الراحل الحسن الثاني المسيرة الخضراء، وهي مسيرة سلمية ضخمة شارك فيها 350 ألف مغربي ومغربية لاستعادة الأراضي الصحراوية، مما كان رمزًا للوحدة الوطنية والتصميم على استعادة السيادة المغربية على المنطقة.
هذه الخطوة التاريخية لم تكن فقط محلية الأثر، بل كان لها صدى دولي كبير. في ديسمبر 2020، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعلانًا تاريخيًا يعترف بسيادة المغرب على صحرائه، وهو ما يمثل انتصارًا دبلوماسيًا كبيرًا للمغرب، خاصة وأنه جاء من أكبر قوة عالمية وأحد أعضاء مجلس الأمن الدائمين. هذا الاعتراف الدولي لم يكن منعزلاً، بل تبعه تحرك دبلوماسي واسع، حيث فتحت أكثر من 28 دولة قنصليات في مدن الصحراء المغربية مثل الداخلة والعيون، مما يعزز الإعتراف الدولي بواقع السيادة المغربية على المنطقة. هذه الاعترافات الدولية جاءت مدعومة بجهود ملموسة على الأرض، حيث استثمرت المغرب مليارات الدولارات في تطوير البنية التحتية والخدمات في المنطقة منذ استعادتها. تم بناء الطرق والمدارس والمستشفيات والموانئ، مما ساهم في تحسين مستوى المعيشة للسكان المحليين، بالإضافة إلى استغلال الموارد الطبيعية مثل الفوسفاط والثروة السمكية لصالح التنمية الوطنية.
على الرغم من هذه الجهود، لا تزال هناك عقبات تعيق تحقيق السلام الكامل، حيث ترى المغرب أن جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، هي جماعة انفصالية تعيق جهود السلام والاستقرار في المنطقة. لقد رفضت البوليساريو مرارًا وتكرارًا المقترحات المغربية للحكم الذاتي، مفضلة التمسك بمطالب غير واقعية للاستقلال. **هذا التعنت من جانب البوليساريو يظهر جليًا في موقفها من مقترحات الأمم المتحدة، حيث أصبح واضحًا أن الاستفتاء المقترح لم يعد خيارًا قابلاً للتطبيق بسبب الخلافات حول من يحق له التصويت. في سنة 2007، قدم المغرب مقترحًا للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، والتي حظيت بدعم العديد من الدول كحل واقعي وعادل. ومع ذلك، فإن رفض البوليساريو لهذا المقترح يبرز عدم رغبتها في التوصل إلى حل سلمي، مما يعكس تأثير الدعم الجزائري الذي يستخدم القضية لأغراض جيوسياسية.
في المقابل، فإن الوضع الإنساني في الصحراء تحت السيادة المغربية يشهد تحسنًا ملحوظًا، حيث تم توفير الخدمات الأساسية والفرص الاقتصادية للسكان. هذا التطور الإيجابي يظهر بشكل واضح عند مقارنته بالوضع في مخيمات تندوف بالجزائر، حيث يعيش حوالي 170 ألف لاجئ صحراوي في ظروف قاسية، ويتم استخدامهم كأداة سياسية من قبل البوليساريو والجزائر. عودة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم تحت الحكم المغربي، مع ضمانات للحقوق والحريات، ستكون خطوة إنسانية هامة، مما سيساهم في تخفيف معاناتهم وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
تحقيق هذا الاستقرار لن يكون ذا أثر محلي فقط، بل سيمتد إلى المستوى الإقليمي، حيث يمكن أن يؤدي حل النزاع تحت السيادة المغربية إلى تعاون اقتصادي أوسع في شمال إفريقيا. المغرب والجزائر، كأكبر دولتين في المنطقة، يمكن أن تتعاونا في مجالات مثل الطاقة والتجارة والأمن، مما سيعود بالنفع على جميع شعوب المنطقة. علاوة على ذلك، فإن استقرار الصحراء المغربية سيعزز الجهود لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في منطقة الساحل، مما يجعل حل هذه القضية أمرًا بالغ الأهمية ليس فقط للمغرب، بل للعالم أجمع.