
البرلمان المغربي وقضية الصحراء: من أجل دبلوماسية موازية وترافع مؤسساتي فعال
افتتح السيد محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين، أشغال الندوة الوطنية المنظمة تحت شعار: “البرلمان المغربي وقضية الصحراء: نحو دبلوماسية موازية ناجعة وترافع مؤسساتي فعال”، وذلك بحضور عدد من المسؤولين البرلمانيين وممثلي الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والجامعات.
في كلمته الافتتاحية، شدد السيد ولد الرشيد على رمزية وأهمية هذا اللقاء، معتبراً أنه ليس مجرد مناسبة لتبادل الأفكار، بل محطة استراتيجية تجسد وعي مجلس المستشارين بمسؤوليته في الدفاع عن القضية الوطنية الأولى، في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها القضية على الصعيدين الداخلي والدولي. وأبرز أن الندوة تأتي انسجاماً مع التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، لاسيما ما ورد في خطابه الأخير بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية، حيث أكد على أهمية الدبلوماسية البرلمانية في دعم مغربية الصحراء وتعزيز مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع المفتعل.
وفي هذا الإطار، استعرض رئيس مجلس المستشارين جملة من المبادرات التي أطلقها المجلس، وعلى رأسها تفعيل مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة حول القضية الوطنية، كآلية جديدة لتوفير الاستشارة وتنسيق الجهود داخل المنظومة الوطنية للترافع حول الصحراء المغربية. وقد اعتبر أن هذه الندوة هي من أولى ثمار هذه الدينامية، مشدداً على ضرورة توسيع المشاركة والانفتاح ضمن رؤية استراتيجية تعزز موقع المجلس كمؤسسة دستورية فاعلة في معركة الترافع.
وأكد ولد الرشيد أن المغرب تبنى في السنوات الأخيرة مقاربة دبلوماسية استباقية ومرتكزة على الشرعية التاريخية والحجج القانونية، مدعومة بمشاريع تنموية كبرى في الأقاليم الجنوبية. وأشار إلى تنامي الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، من خلال مواقف داعمة من قوى كبرى كأمريكا وإسبانيا وفرنسا وعدد من الدول الإفريقية والعربية.
في السياق ذاته، نوه بدور الأحزاب السياسية والتنظيمات النقابية والمهنية الممثلة في البرلمان، والتي شكلت سنداً قوياً في الدفاع عن الوحدة الترابية، من خلال مرافعاتها المؤسسية سواء داخل الوطن أو في المحافل الدولية. وأبرز أن هذا الرصيد الترافعي يشكل اليوم أساساً متيناً لتقوية مصداقية المغرب وتأثيره في الساحة الدولية.
ولم يغفل رئيس مجلس المستشارين التأكيد على البعد التنموي كمرتكز أساسي في ترسيخ مغربية الصحراء، مبرزاً المشاريع المهيكلة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، والتي تتجاوز كونها بنى تحتية لتشكل دعائم استراتيجية للدور الجيوسياسي للمملكة، خصوصاً في ظل مبادرات كأنبوب الغاز نيجيريا–المغرب والمشاريع الأطلسية.
كما استعرض الجهود المكثفة التي يبذلها المجلس لتوسيع حضوره في المنتديات البرلمانية الإقليمية والدولية، من خلال توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم وتنظيم لقاءات دولية، بعضها توّج بإعلانات داعمة للوحدة الترابية صادرة من مدينة العيون، في تأكيد رمزي على مغربية الصحراء.
وفي ختام كلمته، دعا السيد محمد ولد الرشيد المشاركين في الندوة إلى بلورة توصيات مبتكرة لتقوية أداء البرلمان في الدفاع عن القضية الوطنية، وتعزيز التنسيق بين الدبلوماسيتين الرسمية والبرلمانية، مشيراً إلى أهمية استثمار هذه اللقاءات لتعزيز الجبهة الداخلية وصورة المملكة كفاعل موثوق ومسؤول في محيطه الإقليمي والدولي.