
الدكتور عباس الجراري ، شخصية موسوعية متعددة العطاءات -الحلقة20
إعداد : د. منير البصكري الفيلالي
إن واجب الإنصاف يقتضي منا أن نعترف للأستاذ عباس الجراري ـ رحمه الله ـ بالجهود الحثيثة التي بذلها في هذا الاتجاه ، فنحن أمام مدرسة حقيقية للأدب المغربي بشقيه المدرسي والشعبي . فكل طلبته مدينون لهذا الرجل بما استطاعوا التوصل إليه ـ وهم يبحثون إلى جانبه وتحت إشرافه ـ من نتائج قيمة تمثل عدة جوانب من حياتنا الثقافية ، وهي جوانب تحمل الكثير من سمات التنوع والشمولية .
إننا لا نهدف إطلاقا إلى تعظيم الحقائق أكثر مما تستحق ، فأمانة التاريخ وحدها هي التي تجعلنا نقر بمثل هذا المجهود الجبار من طرف أستاذنا الجليل ، ونقول عنه بأنه مؤلف رائد في مجال الأدب المغربي .. عاش وكافح وجد واجتهد من أجل تحقيقه ، وجاهد لنشره بين أبناء وطنه . ومن ثمة ، يستحق لقب ” عميد الأدب المغربي ” وليس خافيا أن أستاذنا وجه بارز في الحركة الأدبية بالمغرب .. استطاع أن يخلق في هذا الاتجاه أسلوبا متميزا في التأليف والإشراف والأستاذية . ومن خلال ذلك ، تكون لديه منهج متميز يستمد خاماته من الجذور المغربية الأصيلة . ولعل مختلف كتاباته ، إنما هي دراسة جادة أبدعتها الأصالة وأترفها التجديد ، فاتخذت الطريق المثلى لتصل بين ماض نعتز به ، وجديد يجذبنا إليه. يتبين إذن أن لأستاذنا خصوصيات جعلت منه عالما فذا ، التزم الفكر وقضايا وطنه وأمته في كل الظروف والأحوال ، حيث قضى كل حياته ـ رحمه الله ـ يقضيها ناسكا في محراب العلم المقدس . فهناك الكثير مما يثبت أن أستاذنا الدكتور عباس الجراري عالم كبير ، يشرف المغرب بحضوره العلمي الوازن .. ولذلك ، حق لاسمه أن يوضع ضمن فطاحل وجهابذة العلماء الكبار الذين سجلوا أسماءهم بحروف من نور في سجل الدرس الجامعي وفي التأليف والتنقيب والعمل الدؤوب ، وفي كل مجالات الفكر والعلم وفرادتها ونوعيتها وما انطوت عليه ثقافته الرصينة وذكاؤه المتقد من موسوعية وثراء . فهو إذن رمز من رموز العطاء الفكري والأدبي ..عشق التراث بشقيه ( المدرسي والشعبي) فأعمل جهده مثابرا على إحياء هذا التراث والمحافظة عليه بكل الإخلاص والصدق والتفاني ، في توءدة وثقة بالنفس عالية ، وبتواضع جم وأريحية منقطعة النظير ، وأيضا في توازن وتنوع وعمق في أحاديثه المبدعة .
يتبع …