
الصحفي الكاريكاتيري بلعيد بويميد: رحيل قلم ساخر بروح نقية
MCG24
في ليلة الثلاثاء، فقدت الساحة الإعلامية المغربية أحد أبرز رموزها في عالم الكاريكاتير، الصحفي والفنان بلعيد بويميد، الذي وافته المنية بعد مسيرة حافلة بالتميز والإبداع في عالم الصحافة الساخرة.
كان شغف الصحفي الكاريكاتيري بلعيد بويميد بالفن والكاريكاتير واضحًا منذ صغره، حيث استطاع أن يحول موهبته الفطرية في الرسم إلى رسالة إعلامية قوية، التحق بالعمل الصحفي في بدايات الثمانينات، حيث عمل في العديد من الصحف والمجلات المغربية، مقدما رسوماته الكاريكاتيرية التي مزجت بين السخرية والواقع بلمسة إبداعية قلما تتكرر.
طوال مسيرته، كان بويميد يلتقط لحظات الواقع اليومي ويعكسها بمهارة فنية في رسوماته التي تنشر في أشهر الصحف المغربية، اشتهر بأسلوبه المميز الذي يعتمد على النقد اللاذع والمباشر، ومع ذلك كان دائمًا يسعى للحفاظ على احترامه تجاه الجميع، الأمر الذي جعله محبوبًا لدى الجمهور وزملائه على حد سواء.
كان بلعيد بويميد معروفًا بين زملائه بروحه المرحة وحسه الفكاهي الذي لم يفارقه حتى في أصعب اللحظات، كان دائمًا الشخص الذي يُضفي جوًا من البهجة داخل غرف التحرير، وكان زملاؤه يستمتعون بالتحدث معه بسبب خفة ظله وقدرته على تحويل المواقف المحرجة إلى لحظات ضحك.
من بين المواقف التي لا تنسى عن الراحل بويميد، كان حضوره الدائم في النقاشات الساخنة التي كانت تدور بين الصحفيين حول الأحداث اليومية، كان غالبًا ما يطرح تعليقاته اللاذعة بأسلوب ساخر دون أن يتسبب في إحراج أحد، في إحدى المرات، خلال اجتماع في إحدى الصحف الشهيرة، تعرّض موضوع حساس للنقاش، وعندما احتدم الخلاف بين الزملاء، رسم بويميد على الفور كاريكاتيرًا بسيطًا يلخص الموقف، فتحول الصدام إلى موجة من الضحك، وانتهى الاجتماع بسلام.
لم يكن بلعيد بويميد مجرد صحفي ورسام كاريكاتير، بل كان أيضًا وسيطًا اجتماعيًا محنكًا، خاصة في الوسط الفني. ومن بين أبرز مواقفه الإنسانية، محاولاته المتكررة لتدليل الخلافات بين أعضاء إحدى الفرق المعروفة، كان بويميد صديقًا مقربًا لأعضاء الفرقة، ومع علمه بحجم التأثير الثقافي والفني للمجموعة، كان يسعى دائمًا لحل النزاعات التي قد تنشأ بينهم، استغل علاقاته الطيبة وقدرته على قراءة الشخصيات المختلفة لجمع الأطراف على طاولة الحوار، وكان يؤمن بأن الفن يستحق تجاوز الخلافات الشخصية من أجل رسالته السامية.
لقد تميز الراحل بلعيد أيضًا بروحه التضامنية مع زملائه، فكان مستعدًا دومًا لتقديم الدعم والمساندة سواء على المستوى المهني أو الشخصي، في مواقف عديدة، عندما كان أحد الزملاء يمر بصعوبات، كان بويميد يبادر بتقديم المساعدة، سواء برسم كاريكاتير يرفع المعنويات أو بالمشاركة في حملات تضامن داخل الوسط الصحفي.
برحيل بلعيد بويميد، فقدت الصحافة المغربية رسامًا عبقريًا وصحفيًا فذًا استطاع أن يحوّل الواقع الصعب إلى فنٍ ساخرٍ ينير العقول ويفتح آفاقًا جديدة للنقاش، سيبقى إرثه الفني حيًا من خلال أعماله التي طالما جسدت قضايا الشارع المغربي بلمسة فنية ساخرة.
رحم الله بلعيد بويميد وأسكنه فسيح جناته، وألهم أسرته الصغيرة وأسرته الإعلامية الصبر والسلوان.