
السودان.. عام المفاوضات لإخراج البلاد من حالة الانقسام السياسي والوضع الانساني الكارثي
يودع السودانيون عام 2023 على أمل أن تشكل العملية التفاوضية بين طرفي النزاع، الجيش وقوات الدعم السريع، التي انطلقت شهر يونيو الماضي بجدة بارقة أمل للخلاص من حالة الانقسام السياسي والوضع الانساني الكارثي، على كافة المستويات.
ويعيش السودان أزمة سياسية بعد اندلاع النزاع المسلح بين قوات الجيش والدعم السريع منتصف أبريل الماضي حيث تأجل التوقيع على اتفاق لإنهاء حالة الانسداد التي تعيشها البلاد بسبب خلافات حول شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش وهو بند أساسي في اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه، والذي كان يفترض أن يسمح بتشكيل حكومة مدنية وهو شرط أساسي لعودة المساعدات الدولية إلى السودان.
ولحلحلة هذا الوضع الذي نجمت عنه أزمة انسانية غير مسبوقة على المستوى الغذائي والصحي مست 18 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد، بدأت مفاوضات جدة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع برعاية سعودية _أمريكية .
وركزت مفاوضات جدة ، التي اختتمت بالتوقيع علي إعلان جدة أو إتفاق 11 ماي، على قضايا أساسية تتعلق بتحقيق وقف فعال قصير المدى لإطلاق النار، والعمل على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية الطارئة، واستعادة الخدمات الأساسية، ووضع جدول زمني لمفاوضات موسعة للوصول لوقف دائم للأعمال العدائية.
وتلت هذه الخطوة التي اعتبرها المتتبعون بارقة أمل لخروج السودان من هذة الازمة التي فاقمت كثيرا من الاوضاع الانسانية والامنية والاقتصادية للبلاد ، عقد جولة ثانية من المحادثات وسط إستمرار المعارك وتبادل الاتهامات بخرق وقف اطلاق النار، ليعلن بعدها وفد القوات المسلحة السودانية تعليق مشاركته في المحادثات بسبب عدم تنفيذ قوات الدعم السريع البند الخاص بانسحابها من المستشفيات ومنازل المواطنين وخرقهم المستمر للهدنة.
وبدأت الجولة الثالثة للمحادثات في 25 أكتوبر الماضي بعد توقف دام 5 أشهر للتفاوض المباشر مع إستمرار المعارك في العاصمة الخرطوم وتوسع الصراع المسلح ليشمل مناطق اخرى بالبلاد، حيث شهدت هذه الجولة التزام القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع باتخاذ خطوات لتسهيل زيادة المساعدات الإنسانية وتنفيذ إجراءات بناء الثقة، لكن الطرفين لم يتوصلا الى اتنفاق بشأن تنفيذ وقف إطلاق النار .
ويرى مراقبون أن من شأن استئناف مسار المفاوضات أن يبعث الأمل في انهاء النزاع وتخفيف المعاناة الإنسانية بالبلاد، وفي خلق الظروف المواتية لإطلاق حوار سياسي يؤدي إلى تحقيق السلام وضمان استقرار الوضع الأمني في البلاد، التي مزقتها النزاعات على مدى عقود.
وفي هذا الاطار، قالت الخبيرة المصرية في الشأن السوداني، أسماء الحسيني ، إن الاستقطاب والانقسام والتجاذب بالسودان أضحى سيد الموقف ، مضيفة أن القتال لم يقتصر على أرض المعارك بل امتد ليشمل حربا إعلامية أشد شراسة، اعتمدت خطاب الكراهية والتخوين والإقصاء.
وتابعت ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء، أن الحل لهذا النزاع يعرف تعقيدات أكبر بسبب تمترس طرفي الصراع خلف مواقفهما وعدم رغبتهما في تقديم تنازلات، مع سعي كل منهما لتحصين موقعه على الأرض وتوسيع الرقعة التي يسيطر عليها مما أدى إلى إفشال مفاوضات جدة.
وحسب الخييرة، فإن مسار مفاوضات جدة توقف الى حين تبديد النقاط الخلافية بين طرفي النزاع حول وقف دائم لإطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية ومعالجة الصعوبات المتعلقة بهذين الملفين، مشيرة الى الدور الذي يمكن تضطلع به منظمة “الإيغاد” من أجل حل الأزمة في السودان.
وخلصت الى أن “أنظار السودانيين تتطلع نحو العام الجديد لعله يحمل معه أملا في وضع حد لهذا النزاع من أجل اعادة بناء مادمرته الحرب ورسم معالم خارطة حقيقية نحو السلام ورأب التصدعات والشروخ العميقة التي ضربت البنيان السوداني، والسير بالبلاد قدما نحو تحول ديمقراطي يرسي أسس دولة القانون “.
و تسب ب النزاع بالسودان في تفاقم الوضع الإنساني وفي موجات نزوح كبيرة كما نجم عنها حتى الـ 15 من أكتوبر الماضي مقتل 9000 شخص نزوح أكثر من 5.6 مليون من ديارهم، و25 مليون شخص بحاجة للمساعدات الإنسانية، و19 مليون طفل خارج المدارس بحسب كتب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان (أوتشا).