
أطفالنا واستيلاب الهواتف الذكية.. إلى متى وإلى أين؟
عبد اللطيف افلا
للوهلة الأولى سيبدو للقراء بأن موضوع هذا المقال مُستهلك وكثر عنه وحوله الحديث دون جدوى، بيد أن موقعنا الإخباري MCG24 ، ومن خلال رسالته الإعلامية التربوية التوعوية أولا، والتي رافقت انطلاقة جريدتنا الالكترونية قبل الجائحة، وتواصلت حتى خلال فترات الحجر الصحي وإلى يومنا هذا، فإن رصد خطر ارتباط الناشئة بالهاتف الذكي في سن مبكرة حدث علينا الوقوف، وتحديدا في متم الموسم الدراسي.. لماذا؟
كون الهواتف المحمولة الذكية، تمثل بالنسبة للأطفال عصا سحرية لعبور بلدان العجائب، والأحلام، واللعب والاكتشاف والاستمتاع وهم في نفس المكان، بل في نفس الركن، أزمنة وعوامل في مكان واحد، فإن حصولهم عليها هو الهدف الرئيس والمثالي بالنسبة لهم، ومن هنا يبدأ سر الخطر الكبير الذي يغفله كثير من الآباء خاصة داخل الاسر البسيطة والمتوسطة، حيث يعد الأبوين صغارهم التلاميذ بهدية عبارة عن هاتف محمول إذا نجحوا في الامتحان.
وتشكل فترة الإعلان عن نتائج امتحانات نهاية الموسم الدراسي، عيدا لاقتناء “السمارت فون” للأطفال الناجحين، وهي الموضة التي عمت معظم البيوت، الهاتف المحمول مقابل النجاح في الامتحان.
وبحسب اخصائي علم النفس السلوكي فإن أقبح وأخطر هدية تعطى للطفل هي الوسائل التي تتصل بالأنترنيت، لأنها ترهق الإدراك البصري وتعطل باقي مرشحات الجهاز العصبي، وفي فترة ليست بالطويلة تصل بالمستعمل حد الإدمان، والمصيبة في غفلة من الأب والأم، ظنا منهما أن صغيرهما تحت أعينهما داخل البيت في أمن وآمان.
ما نتابعه وكذلك كل الأشخاص دون ان يحركهم ذلك لعلاج الأمر، هو أن الهواتف الذكية تُدخل الطفل والمراهق عالم الفردانية من حيث لا يدري، فتراه ينطوي وحيدا في مكان بعيد عن أفراد الأسرة، ولا يتناول معهم الوجبات الغذائية جماعة، وفي حال تدخل أحب الأبوين لنزع هاتفه المحمول أو قطع الانترنيت ينفجر بانفعال كبير. والنصيحة بحسب أخصائي الصحة النفسية وعلم الاجتماع، تأخير حصول الصغار على هاتفهم الخاص قدر المستطاع، وذلك لأننا في زمن الانترنيت الذي يشكل ضررا كبيرا أكثر مما واجهته الأسر في إدمان الأطفال على العاب الفيديو في الماضي، والتي لم تكن متصلة بالأنترنيت.
مشاركة لنا في هذا الملف حاور موقعنا الإلكتروني MCG24 رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، السيد علي شتور حول تأثير الانترنيت على الأطفال وكذلك الشباب، فقال :
” أصبح الأنترنت جزءا أساسيا من حياتنا اليومية، لأنه يلعب دورا هاما في التواصل الاجتماعي دون مقابل ودون حد وفي كل الأوقات، كما أنه يختزل كل متاحف ومكتبات وقواميس العالم، ويوفر الحصول على المعلومات المتنوعة بسرعة وسلاسة، لكن بالرغم من كل ذلك، فإن لها جوانب سلبية تتطلب الانتباه والتعامل معها بحذر، وهو ما يغفل عنه الكثير من الآباء”
ونبه السيد شتور إلى عدد من الأثار السلبية التي تسببها الهواتف الذكية التي لا تخفى على أحد، ويسهل كثيرا ملاحظتها، توتر العلاقات الأسرية، ضعف الارتباط والتواصل بين الاخوة في بيت واحد، العزلة، انعدام التقدير الذاتي واهتزاز الثقة بالنفس، وهو ما ينعكس على تمدرس الناشئة فينتج عنه ضعف في التحصيل الدراسي، وفوق كل ذلك ادمان خطير على الانترنيت، حيث أن كثيرا من الأطفال يرفضون السفر مع ذويهم إلى أماكن أو عند أقارب ليس لديهم أنترنيت، والمصيبة أنك تجدهم على متن وسائل النقل العمومي وعلى الشاطئ او في الغابات أو في الفنادق السياحية لا يستمتعون بالمكان، لانهم شاردون في عمق أمام هاتفهم المحمول عبر الانترنيت.
واحتواءا لخطورة للأمر، دعت الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك إلى انخراط جميع الأطراف المعنية داخل المجتمع لتعزيز الوعي حول استخدام الإنترنت، وتوفير بدائل ثقافية ورياضية واجتماعية للأطفال والمراهقين، إضافة إلى تأطيرهم حول كيفية التعامل مع الشبكة، وتحذيرهم من المواقع الخطيرة وأضرارها عليهم.