ثقافة

صورة عميد الأدب المغربي الدكتور عباس الجراري في أعين شعراء الملحون- الحلقة السادسة

إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

بمناسبة الإطلالة البهية لشهر رمضان الكريم لعام 1446 الموافق لعام 2025 أهدي هذه السلسلة من الحلقات الرمضانية إلى روح عميد الأدب المغربي أستاذي الدكتور عباس الجراري أكرم الله مثواه بعنوان : ” الدكتور عباس الجراري على ألسنة شعراء الملحون “. فاللهم ارحمه واعف عنه يا كريم واكتبه عندك من المحسنين وارزقه الجنة دون حساب ،  وتظله تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك  .. اللهم بجاه بركة هذا الشهر الفضيل , ارحم أمواتا ينتظرون منا الدعاء ، واغفر لهم ونور قبورهم واجعلها بردا وسلاما برحمتك يا أرحم الراحمين .

  من الأمور التي كانت تشغل بال أستاذنا الدكتور عباس الجراري ـ أكرم الله مثواه ـ الحاجة إلى البحث العلمي في تراثنا الشعبي ، وإزالة الرواسب التي ما تزال عالقة بالكثير من خصائصه ، والحاجة أيضا إلى الكشف عن كنوزه بأسلوب يستسيغه منطق الجيل والعصر قبل أن يتعرض لوطأة التعديلات الناتجة عن تبني أساليب الحياة الحديثة والناشئة عن التوسع في الاستخدامات التكنولوجية الحديثة والمتأثرة بتغيير البنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لضرورات التحضر والتحضير . من ثمة ، حرص  رحمه الله على تبيان ما في هذا التراث الشعبي من عناصر المرونة والخصوبة والقدرة على الملاءمة ، مما يفضي بنا إلى رفض ذلك الظن القائل بأن الحداثة ستقضي بالضرورة على سائر جوانب هذا التراث وستلغي وظائفه . لذلك ، فالجهود التي بذلها أستاذنا الدكتور عباس الجراري في الكشف عن مقومات فن الملحون ، قادرة على إكسابه وظائف جديدة تتمثل في أنأية خطة للتنمية ، لا تكون إيجابية إذا هي لم تقم على فلسفة شعبية تراعي الرأي الوطني والشعور العام وتفكير الجماهير وذوق الشعب ومختلف جوانبه العقلية والذهنية والنفسية والوجدانية ، بدءا من تراثه بما يمثل من عادات وتقاليد وحرف وصناعات وسلوك وأخلاق ، وبما يفرز من أنماط اجتماعية وما يتولد عنها من مسؤوليات يتحملها الرجل والمرأة في المجتمع .. ” .  لذلك ، فإن الاستفادة من تراثنا الشعبي حسب منظور أستاذنا رحمه اللهتقتضي الكشف عن جوانبه الإيجابية القادرة على التكيف والتطور ، أي الكشف فيه عن طاقاته الوظيفية لتطويعها وإخضاعها حتى تمد معركة التنمية بعيدا عن أي موقف متطرف للتراث . “  ووفق هذا الكلام ، يمكن للإنسان اليوم أن يعيش على أسس متكاملة ومتوازنة ، لا تفصله عن تراثه التقليدي ولا تعريه من ثقافته التقليدية ، ولا تحطم خير ما في أسلوب حياته ، ولا تسمح بأن يقع أسيرا لأسلوب حياة هجينة . وهذا يجعلنا نقر بمثل هذا المجهود الجبار من طرف أستاذنا الجليل رحمه الله . فقد عاش وكافح وجد واجتهد من أجل تحقيق مبتغاه ، وجاهد لنشر فن الملحون  بين أبناء وطنه ، فأعمل جهده مثابرا على إحياء هذا التراث والمحافظة عليه بكل الإخلاص والصدق والتفاني ، في توءدة وثقة بالنفس عالية ، وبتواضع جم وأريحية منقطعة النظير ، وأيضا في توازن وتنوع وعمق في أحاديثه المبدعة .. ومن ثمة ، يستحق لقبعميد الأدب المغربيإذ يحبل تاريخه العلمي والثقافي والأدبي بالعديد من الإنجازات الفكرية . ومن ذلك اهتمامه بفن الملحون ، وهو شق من الأدب المغربي ، تم إدخاله إلى رحاب البحث العلمي الجامعي على يد الأستاذ الجراري بعد صراع مرير مع نخبة معترضة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 − 16 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض