
صورة عميد الأدب المغربي الدكتور عباس الجراري في أعين شعراء الملحون- الحلقة التاسعة
إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
بمناسبة الإطلالة البهية لشهر رمضان الكريم لعام 1446 الموافق لعام 2025 أهدي هذه السلسلة من الحلقات الرمضانية إلى روح عميد الأدب المغربي أستاذي الدكتور عباس الجراري أكرم الله مثواه بعنوان : ” الدكتور عباس الجراري على ألسنة شعراء الملحون “. فاللهم ارحمه واعف عنه يا كريم واكتبه عندك من المحسنين وارزقه الجنة دون حساب ، وتظله تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك .. اللهم بجاه بركة هذا الشهر الفضيل , ارحم أمواتا ينتظرون منا الدعاء ، واغفر لهم ونور قبورهم واجعلها بردا وسلاما برحمتك يا أرحم الراحمين .
بهذا التوجه المنهجي الذي تحدثنا عنه في الحلقة السابقة ، استطاع أستاذنا رحمه الله أن يحقق الأهداف المتوخاة وهو يعالج قضايا وظواهر هذا التراث الذي يعد كنز المغاربة وذخيرتهم بفكر متفتح وبجدلية وموضوعية تعتمدان على معطيات استقرائية واستنتاجات منطقية تستند إلى نظرة فكرية عقلانية ، وليس فقط إلى مجرد التذوق الفني النابع من التأثر العاطفي والانفعال الانطباعي بالأثر المدروس .. وذلك على حد ما فعل في مختلف كتاباته حول هذا التراث الشعبي بدءا من كتاب ” القصيدة ” مرورا بكتابه ” من وحي التراث ” وكتاب ” في الإبداع الشعبي ” وغيرها من الدراسات الجادة . ومن هنا تظهر مكانته العلمية في خدمة تراثنا الشعبي وخاصة فن الشعر الملحون . فهو أول من فتح الباب أمام الباحثين في الجامعة المغربية لدراسة قصيدة الملحون ساعيا إلى إبراز مكانته.. وبالتالي ، يحسب لأستاذنا دوره الكبير في خدمة هذا التراث الشعبي ، وذلك من خلال أعماله العلمية وكذا من خلال إشرافه على الكثير من الرسائل والأطاريح التي تناولت فن الملحون . وقد برز هذا التناول من منطلق غزير علمه ، ودقة فهمه وشمولية رؤيته ، ونجاعة منهجه وقوة شخصه وشخصيته ، فكان له الفضل في الكشف عن أهم مقومات فن الملحون ، وبذلك يعد من الذين اهتموا في فترة مبكرة بهذا الموروث الشعبي جمعا وتصنيفا وبحثا ودراسة حيث أبان عن أسسه ، وكشف عن أصوله وقواعده . وموسوعة الملحون التي تصدرها أكاديمية المملكة المغربية خير دليل على استمرار الجهود الكبيرة التي بذلها رحمه الله في مجال الملحون . ويكاد يجمع الباحثون على أن ظهور كتاب الزجل في المغرب ، لقصيدة يعد مؤشرا لمرحلة جديدة وبداية لعهد جديد في مسار البحث الجامعي بالمغرب ، إذ حظي باهتمام واسع من لدن الأوساط الأكاديمية خاصة والمثقفة عامة . وقد أبان رحمه الله عن الدوافع التي كانت تحفزه للإقبال على هذا التراث الأثيل ( الملحون ) وهي دوافع موضوعية تحدث عنها في مقدمة كتابه “الزجل في المغرب ، القصيدة ” .
كل هذا ، حفز شعراء الملحون لنظم قصائد ملحونية تنوه بهذه الجهود الكبيرة التي بذلها الدكتور عباس الجراري حتى يتبوأ الملحون المكانة اللائقة به .. فكان اهتمامهم كبيرا بهذا الفن ، أولوه عنايتهم به ، وضمن ذلك ، إدراكهم للنبوغ المشهود للأستاذ عباس الجراري
ـ أكرم الله مثواه ـ حيث كانت جهوده القيمة في مجال الملحون تعد من اللبنات الأساسية التي وجهتهم إلى الاهتمام أكثر بفن الملحون .