
صورة عميد الأدب المغربي الدكتور عباس الجراري في أعين شعراء الملحون- الحلقة العشرون
إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
بمناسبة الإطلالة البهية لشهر رمضان الكريم لعام 1446 الموافق لعام 2025 أهدي هذه السلسلة من الحلقات الرمضانية إلى روح عميد الأدب المغربي أستاذي الدكتور عباس الجراري أكرم الله مثواه بعنوان : ” الدكتور عباس الجراري على ألسنة شعراء الملحون “. فاللهم ارحمه واعف عنه يا كريم واكتبه عندك من المحسنين وارزقه الجنة دون حساب ، وتظله تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك .. اللهم بجاه بركة هذا الشهر الفضيل , ارحم أمواتا ينتظرون منا الدعاء ، واغفر لهم ونور قبورهم واجعلها بردا وسلاما برحمتك يا أرحم الراحمين .
يقول جلالة الملك ـ حفظه الله ـ : ” وقد سرنا أن تتولى الأكاديمية إحياء تراث المغرب بكل أنواعه وموضوعاته ، وأن يقوم بذلك صفوة من الأساتذة المغاربة المختصين في الموضوع ، وذلك في التزام بالمنهج العلمي المأخوذ به في نشر وإصدار كل صنف من أصناف التراث الوطني على الوجه الأمثل ، كما ابتهجنا باهتمام الأكاديمية بنشر شعر الملحون الذي كان للشعراء والزجالين المغاربة باع طويل فيه ، على مدى العصور الأخيرة تعبيرا عن الشخصية المغربية ، والتغني بما يختلج في نفوس المغاربة من مشاعر دينية وطنية وعاطفية . فكان لهذا الملحون في تعبيره المباشر ولغته الشعبية دوره الأدبي والحضاري في تشخيص الوحدة والتعلق بثوابت الأمة ومقدساتها .. وهكذا دعا جلالته إلى تعزيز حماية التراث الثقافي غير المادي، وتبادل التجارب والأفكار في سبيل صونه ،كما دعا في رسالته إلى المشاركين في الدورة السابعة عشرة للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) إلى ” البحث عن أنجع السبل لتربية الناشئة على أهمية تراثنا والاهتمام به ، كإرث بشري غني بروافده الثقافية المتعددة، وروابطه التاريخية الضاربة في عمق التاريخ . وفي السياق نفسه ـ يضيف جلالته ـ عملت المملكة على تنظيم ورشات وندوات علمية، وملتقيات دولية، وتظاهرات ثقافية، من أجل الصيانة المستمرة للتراث الثقافي غير المادي وتثمينه، الذي نعتبره رمزا للهوية وعنصرا أساسيا في ذاكرتنا، حاملا لمبادئنا وقيمنا المشتركة، وقابلا للنقل إلى الأجيال القادمة .
من هذا المنطلق ، فتراث الملحون هو تراث ذو أهمية ، وهو جزء من التراث اللامادي الذي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس يلفت الانتباه إلى ضرورة الاهتمام به وصونه بهدف توسيع الاهتمام بهذا الفن الرفيع تحقيقا للأهداف التي خططتها أكاديمية المملكة المغربية للنهوض بالملحون ، وهو أمر سبق للأستاذ الدكتور عباس الجراري عميد الأدب المغربي إليه ، أي تعريف الناس بماهية الملحون الذي يتناول كل القضايا التي ينبغي أن تعرف عن الملحون بدءا من اللغة إلى الأغراض إلى الأشكال والأساليب الفنية ، ثم إلى طرق الإنشاد والأداء . والأكاديمية بالمملكة المغربية ـ يضيف الأستاذ الجراري ـ وهي تعنى بموسوعة الملحون ، ما كانت لتقتصر على إصدار دواوين الملحون ، ولكنها تفكر اليوم في إصدار أنظولوجيا الملحون .
ولعل العمل الذي تنهض به أكاديمية المملكة المغربية في شأن الملحون وشعرائه واعتباره تراثا عالميا ، تتقاطع فيه مصالح الشعوب والأمم وأفكارهم ورؤاهم ومطامحهم ، بحيث يكون إحدى مرجعياتهم في كفاحهم من أجل حياة مشتركة قائمة على الاحترام والندية وإعادة بناء العالم بما يخدم المجتمع البشري .. كل ذلك ، كان بإشراف وتأطير أستاذنا الدكتور عباس الجراري رحمه الله .