
مهرجان طنجة السنوي: فرحة الأطفال وكلمات نابية… أين الخط الفاصل؟
في قلب مدينة طنجة، حيث تلتقي الثقافات وتتنفس التاريخ، يُقام كل عام مهرجان يتحوّل إلى قبلة لعشرات العائلات وأطفالهم، الذين يأتون حاملين الابتسامات والبالونات الملونة، بحثًا عن يومٍ مختلف. لكن خلف هذا المشهد البهيج، تُسمع أصواتٌ تعلو بين الفينة والأخرى، تحمل في طيّاتها كلماتٍ نابيةً وعباراتٍ جارحة، لا تليق ببراءة الأطفال، ولا بقدسية الفضاء العائلي الذي يُفترض أن يكون واحةَ أمان.
وسط الألعاب والموسيقى، يندفع بعض الشباب والفتيات في حواراتهم اليومية، مستخدمين تعابيرَ تحريضيةً أو لغةً خادشةً للحياء، كأنها “موضة” يعتزون بها. الغريب أن هذا يحدث أمام أعين أولياء الأمور، الذين يبدون في كثير من الأحيان غير مكترثين، أو ربما يضحكون باعتبارها “مجرد دعابة”. تقول أم ياسمين (32 عامًا)، وهي أم لطفلين: “أشعر بالحرج عندما أسمع هذه الكلمات بجانب أطفالي، لكنني لا أتدخل خشية التسبب بمشكلة”، بينما يبرر أحد الآباء: “الأولاد كيسمعوا لهاد الكلام في كل مكان، المهم نربّيهم في البيت”.
لا تقتصر الخطورة على سماع الأطفال لهذه العبارات، بل في تطبيعهم معها، واعتيادهم على أن العنف اللفظي أمرٌ عادي، أو وسيلة للتعبير. هنا يتساءل الخبير التربوي د. عبد الإله بنعلي: “كيف نطلب من الطفل احترام القيم وهو يرى الكبار ينتهكونها علنًا؟ اللغة ليست مجرد حروف، بل هي أداة تشكيل الوعي. إذا سمحنا باختلاط المفاهيم أمامهم، فكيف سنواجه سلوكياتهم المستقبلية؟”.
الحديث عن “حرية التعبير” لا يعفي المنظمين والمشاركين من مسؤولية الحفاظ على الذوق العام، خاصةً في فضاءٍ يُنظّم باسم العائلة. تقترح الناشطة المجتمعية سلمى المريني إدراج شروطٍ في رخص تنظيم المهرجانات تلزم باحترام لغة الحوار، وتخصيص مناطق خالية من التدخين أو الألفاظ النابية، بالإضافة إلى حملات توعوية للزوار حول تأثير الكلمات على الأطفال.
أحمد شاكر