
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 128
إعداد : د. منير البصكري الفيلالي / أسفي
الأستاذ مولاي امحمد كزور مربي الأجيال.
يعتبر الأستاذ مولاي امحمد كزوز الملقب ب “مسيو مولاي” أحد رواد رجال التعليم بأسفي منذ ثلاثينيات القرن الماضي، بها ولد ونشأ وترعرع .. رجل تقي، اشتهر بأخلاقه العالية بين الناس ، لا يحب الظهور والبروز والتمركز في المجالس والمحافل .. حريص على قضاء حوائج الناس بنفسه ولا يعتمد على أحد في ذلك. محبوب لدى جميع الأوساط بأسفي، اشتهر بجمال خطه ، فهو ذو خط جميل بديع خاصة باللغة الفرنسية، يجذب القارئ إليه، أبدع في مجال التدريس بمدرسة مولاي يوسف أقدم وأعرق المؤسسات التربوية التعليمية بأسفي، منها يفوح عبق التاريخ من خلال أساتذتها وأطرها الإدارية وتلاميذها النجباء الذين أصبحوا أطرا مهمة داخل الوطن وخارجه، وذلك بفضل ما كان لأطرها التربوية من مؤهلات رفيعة المستوى، ساهمت في تكوين جيل من أبناء أسفي .. كان في طليعتهم الأستاذ مولاي امحمد كزوز، حيث كانت له ـ رحمه الله ـ مكانة رفيعة في نفوس تلاميذه بحكم كفاءته وجديته وموهبته الفنية، إذ كان يرسم لوحات ملونة على السبورة لتقريب موضوع الدرس للتلاميذ ( بمثابة المسلط العاكس اليوم ). لذلك، كان السي كزوز من أوائل الأساتذة المغاربة الذين أبلوا في مجال التربية والتعليم بشهادة كل الذين درسوا على يده وضمنهم والدي رحمه الله الذي كانت تربطه بأستاذه السيد كزوز علاقات المحبة والتقدير والوفاء عملا بقول شوقي أمير الشعراء:
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
كان من تلاميذه الطبيب والأستاذ والتاجر والمربي ورجل الدولة والمقاول ، كل ذلك بفضل سداد توجيهاته وكفاءته التربوية.
عرفته مداوما ومحافظا على أداء الصلوات الخمس بالمسجد الأعظم بمدينة أسفي ، فكان يجلس خلف المصلين بعيدا عن المحراب، آخر مكان في المسجد المذكور حتى لا يزعج أحدا، كنت أسترق السمع وهو يردد جملا باللغة الفرنسية، وكأني به يقدم درسا معينا داخل الفصل .. وهذا لعمري يكشف عن حب الرجل لمهنته التي لم ينساها حتى وهو متقاعد لم تعد تربطه أي صلة بفضاء المدرسة والتدريس. فالرجل قد ندر حياته وأوقف جهده ووقته على خدمة مدينة أسفي وأبنائها، لا يبخل في سبيل ذلك بجهد أو مال أو وقت، ولا يهدف من وراء ذلك إلا وجه الله. وهذا حاله إلى أن لقي ربه راضيا مرضيا .. فترك خلفه أحسن الذكر وأكرم السمعة وأخلص الدعاء له بجزيل الثواب وعظيم الأجر، جزاء ما قدم لبلده ومواطنيه من عمل جليل سيظل محفوظا في ذاكرة أبناء أسفي. فاللهم أكرم نزله ووسع مدخله وأمطر قبره وابلا من الرحمات.