
الطاهـر بنشــواف
عاد داء الحصبة ليشكل تهديداً كبيراً للصحة العامة، حيث انتقلت الإصابات التي كانت سابقاً محدودة في القرى الجبلية النائية إلى المدن الكبرى، مما دق ناقوس الخطر لدى السلطات الصحية. في الأيام الأخيرة، تم تسجيل حالة إصابة مؤكدة لتلميذ بإحدى المؤسسات التعليمية بمدينة سلا، وهو ما أدى إلى استنفار وزارة الصحة، التي سارعت إلى اتخاذ إجراءات وقائية عاجلة لمحاصرة انتشار المرض ومنع تفشيه بين التلاميذ.
وحسب مصادر صحفية، فإن الحالة المصابة تتعلق بتلميذ في مدرسة وديع الأسفي الابتدائية بسلا، وقد ظل التلميذ يخالط زملاءه في المدرسة قبل أن يتم اكتشاف إصابته بالحصبة، هذا الأمر أثار مخاوف كبيرة بين أولياء الأمور وسكان المنطقة، ودفع المديرية الإقليمية للصحة بسلا إلى التحرك الفوري، فقد شرعت في تنفيذ خطة محكمة تهدف إلى الحد من انتشار المرض عبر مجموعة من التدابير الوقائية، أبرزها إطلاق حملة شاملة للتلقيح ضد داء الحصبة في صفوف التلاميذ.
وقد شملت الحملة فحوصات طبية للكشف المبكر عن الفيروس بين المتمدرسين في المؤسسات التعليمية التابعة لعمالة سلا. هذه الفحوصات جاءت كإجراء استباقي لضمان تحديد الحالات المحتملة والتعامل معها على الفور، كما تهدف إلى توفير اللقاحات اللازمة للأطفال الذين لم يتلقوا الجرعات المناسبة في إطار البرامج الوطنية للتلقيح. بالإضافة إلى ذلك، تتابع وزارة الصحة بشكل دقيق الحالة الصحية للتلاميذ الذين قد يكونون تعرضوا للاحتكاك بالتلميذ المصاب، وذلك لضمان احتواء الوضع ومنع تفشي المرض على نطاق أوسع.
وفي سياق متصل، برزت مخاوف مماثلة في مناطق قروية بعيدة، حيث وجهت العديد من الأسر بإقليم شفشاون نداءات مستعجلة إلى وزارة الصحة للتدخل واحتواء تفشي داء الحصبة في المنطقة، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة انتشاراً ملحوظاً للمرض في عدد من القرى التابعة للإقليم، وهو ما زاد من القلق حول مدى قدرة المنظومة الصحية على التصدي لهذا الوباء في المناطق النائية التي قد تفتقر للبنية التحتية الصحية اللازمة.
الأسر المتضررة عبرت عن مخاوفها من عدم توافر اللقاحات بشكل كافٍ في القرى النائية، ما جعل الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالمرض، خاصة مع غياب حملات التوعية والتحسيس اللازمة حول أهمية التلقيح. وطالبت الأسر وزارة الصحة بإرسال فرق طبية متنقلة إلى هذه القرى لتقديم الدعم العاجل واللقاحات الضرورية للأطفال، والتأكد من عدم تفاقم الوضع في ظل الارتفاع المستمر في عدد الإصابات.
ويُذكر أن داء الحصبة يُعتبر من الأمراض الفيروسية شديدة العدوى، والتي يمكن أن تتسبب في مضاعفات خطيرة إذا لم يتم التعامل معها بالشكل المناسب. ومع توفر اللقاحات الفعالة، يبقى التحدي الأكبر هو الوصول إلى الفئات السكانية الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في المناطق النائية التي تعاني من ضعف في البنية التحتية الصحية.
تعتبر الاستجابة السريعة من وزارة الصحة أمراً حاسماً في السيطرة على انتشار هذا الوباء، لا سيما مع بدء ظهور حالات في المناطق الحضرية. وقد أكدت الوزارة التزامها بمواصلة حملات التلقيح والفحوصات الوقائية، مع العمل على رفع مستوى الوعي حول أهمية التلقيح لضمان حماية الأطفال والمجتمع ككل من مخاطر هذا المرض الفتاك.