إعداد : ذ. منير البصكري الفيلالي
في إطار الاحتفال بالذكرى الخمسينية لحدث المسيرة الخضراء والذكرى السبعينية لعيد الاستقلال ، نظمت جمعية هواة الموسيقى العربية بطنجة الدورة الأولى للمهرجان الوطني دار الضمانة لفن الملحون أيام 28 و29 و30 نونبر 2025 تحت شعار : ” رحلة الملحون من صحراء تافيلالت إلى صحراء رودانة” . وخلال هذا الاحتفال ، نظمت ندوة علمية حول قضية الوحدة الترابية ، اختار لها المنظمون موضوعا بعنوان : ” شعر الملحون المغربي وقضية الوحدة الترابية بين الإبداع والمسؤولية ” شارك فيها أساتذة باحثون كشفوا عن عمق تشبث المغاربة بوحدتهم الترابية ، مؤكدين على مدى ترسيخ السيادة الوطنية للمغرب ، وضمان سلامتها .ز مما يعني التضامن والاتحاد الوطني بين جميع مكونات الشعب المغربي من أجل الحفاظ على كامل أرض الوطن ، وهو أمر يعد ركيزة اساسية للتطور والتقدم الوطني ، كما يشكل جوهر السيادة الوطنية وتلاحم الشعب مع قيادته .
من العروض التي ألقيت في هذه الندوة التي أدار أشغالها باقتدار كبير الأستاذ الباحث السيد عبد الإلاه جنان ، نجد :
” تخليد شعراء الملحون لذكرى المسيرة الخضراء ، الأبعاد والدلالات ” سلط من خلالها الأستاذ منير البصكري الفيلالي الضوء على إبداعية شعراء الملحون في تناولهم لوحدة التراب المغربي ومغربية الصحراء من خلال نصوص شعرية عبروا من خلالها عن فخر كبير بوطنهم وتاريخه النضالي كما وظفوا لغة غنية بالصور البلاغية والأساليب الإيقاعية الشعبية للكشف عن الهوية الوطنية والارتباط العميق بالوطن والملك في قالب تعبيري فني متجدر في التاريخ والوعي الشعبي ، معززين بذلك الشعور بالانتماء والولاء في وجدان المغاربة ، يجمع بين الأصالة الروحية والثقافية والوطنية .. وهو تفاعللا شكل وسيلة توثيقية وحية لتجربة وطنية جسدت تخليد المسيرة الخضراء في ذكراها الخمسين وكل محطات الوحدة الوطنية المغربية.
بعد ذلك ، ألقى الأستاذ محمد علوي بن الشاد موضوعا بعنوان ” قضايا الوطن في شعر الملحون ، المسيرة الخضراء والصحراء المغربية أنموذجا ” حيث أبان على أن المسيرة الخضراء تعد من أبرز الأحداث التي استثمرها شعراء الملحون لتأكيد مغربية الصحراء ، مما ساهم في رسم صورة وجدانية لالتفاف الشعب حول الملك واسترجاع الأقاليم الجنوبية سلميا . . مع التأكيد على أن شعر الملحون قد ارتبط دائما بقضايا الأمة وهو يتناول مقاومة الغزو الأجنبي ويرثي الشهداء ويحتفي بالانتصارات .. وهذا جزء مهم من وظيفة الملحون في تأريخ المجتمع وصيانة الذاكرة .
من جهته ، تناول الأستاذ محمد اليملاحي الوزاني ، موضوع ” الملحون المغربي ، نحو مقاربة اجتماعية ونفسية وانثروبولوجية ورمزية ” موضحا أن فن الملحون يعد أهم التعبيرات الشعرية الشفاهية التي شقت طريقها في الذاكرة الثقافية المغربية ، بوصفه فنا يجمع بين القول المنظوم والغناء والصنعة البلاغية والحكمة الشعبية ، وذلك لما له من قدرة على ملامسة التجارب الإنسانية العميقة ، واستيعاب التحولات الاجتماعية والنفسية التي عرفها المجتمع المغربي عبر القرون , ومن ثمة ، يصبح استقراء الملحون وفق مقاربة اجتماعية ونفسية وانثروبولوجية ورمزية ، مدخلا اساسيا لفهمه ليس فقط كتراث فني ، بل كمرآة ثقافية عاكسة لبنية المجتمع ونسقه القيمي .
أما الباحث عبد الحق بوعيون ، فتناول موضوع ” الحس الوطني ، باعث إبداعي لشعراء الملحون ” موضحا أن هذا الحس يشكل أحد أبرز المنابع الوجدانية التي غذت شعر الملحون عبر تاريخه الطويل ، وجعلت منه سجلا حيا لمسارات الهوية المغربية وتحولاتها .. مما جعله باعثا إبداعيا ، صاغ ملامح هذا الفن الرفيع وأكسبه شرعية ثقافية واجتماعية . فالملحون ، يقول الأستاذ بوعيون ، بقدر ما هو وجدان شعري ، هو أيضا وثيقة وطنية تعكس علاقة الإنسان المغربي بأرضه وتاريخه ومجتمعه . ومما أعطى لهذا الموضوع رونقه وجاذبيته ، تلك الأبيات الشعرية التي استشهد بها السيد بوعيون والتي نالت غعجاب الحاضرين .
وقد اختتمت هذه الندوة بمناقشات حية وعميقة كشفت مدى استلهام قيم المواطنة والكرامة والحرية والتنمية .
وعلى هامش هذه الندوة ، أقيمت سهرة كبرى للملحون ، شارك فيها أمهر العازفين والمنشدين من مختلف مدن المغرب.
وقد أضفت على هذا الاحتفال بالذكرى الخمسينية للمسيرة الخضراء ، حلة قشيبة من الوطنية الصادقة والتعلق بالوحدة الترابية للوطن ، والسير قدما نحو تثبيت الشرعية الدولية بعد قرار مجلس الأمن الدولي في 30 أكتوبر 2025 بشأن الصحراء المغربية ودعم مبادرة الحكم الذاتي
