
40 سنة من نزع الملكية العقارية.. اختلالات في التوازن بين مصلحة الأفراد والمصلحة العامة
يشكل القانون 81.7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، موضوع نقاش و يعتبر تعديله مطلبا متكررا ليتماشى ويساير المنجزات القانونية، التنموية والحقوقية لبلادنا حسب ما صرح به وزير التجهيز والماء نزار بركة في معرض مداخلته ضمن الندوة التي نظمتها الوزارة حول “نزع الملكية لأجل المنفعة العامة” تحت شعار “قانون نزع الملكية: أربعون سنة من الممارسة، أية حصيلة؟ وأية آفاق؟”.
أكد الوزير أن الممارسة أثبتت أن المسطرة تعتريها عدة نواقص واختلالات قانونية وعملية، واكراهات مرتبطة بالعقار. حيث سجل بركة عمل اللجنة الإدارية للتقييم وآثار نزع الملكية على العقارات المحفظة حتى بعد انتهاء المسطرة وإلى صعوبات تحقيق التوازن بين المصالح الفردية والجماعية كثغرات خاصة في ظل الدستور المغربي الذي يرسخ لاحترام و تقديس الملكية الخاصة، وأخذا بعين الاعتبار التوجيهات الملكية السامية الواردة في الخطاب الملكي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله برسم افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة -14 أكتوبر 2016- والذي أكد فيه صاحب الجلالة أن “العديد من المواطنين يشتكون من قضايا نزع الملكية، لأن الدولة لم تقم بتعويضهم عن أملاكهم، أو لتأخير عملية التعويض لسنوات طويلة تضر بمصالحهم” وكان قد دعا الملك إلى تبسيط مساطر الحصول على التعويضات و شدد على أن نزع الملكية يجب أن يتم لضرورة المصلحة العامة القصوى. وفي حالة نزع الملكية كان قد أثار جلالة الملك الانتباه إلى ضرورة عدم تغيير وضعية الأرض التي تم نزعها، وتحويلها لأغراض تجارية، أو تفويتها من أجل المضاربات العقارية.
في ذات السياق، أكد وزير التجهيز والماء أن التحدي في إصلاح مسطرة نزع الملكية لا يكمن في التصحيحات الطفيفة والملائمات الجزئية للنصوص القانونية وآليات التدبير بل يفرض سياسة شمولية محكمة المبادئ مضبوطة الآليات و واضحة المقاصد من أجل إرساء إطار مرجعي وتدبير تشاركي للمجال، خاصة أن وزارة التجهيز والماء هي الأكثر لجوء لتطبيق المسطرة موضوع النقاش بالنظر لحجم المشاريع المسؤولة عن إنجازها.
تلعب مسطرة نزع الملكية رغم كل الثغرات و الإكراهات التي تفرضها دورا محوريا في توفير الوعاء العقاري اللازم لإنشاء المشاريع و البنيات التحتية التي تحتاجها بلادنا خاصة في ظل التنمية والنهضة الملحوظتين اللتين يشهدهما المغرب، حيث بلغ عدد المشاريع المنجزة حسب ما أفاد به الوزير، 57.334كلم شبكات طرقية، 1800كلم طريق سيار، 40ميناء، 169 سد، 2109 كلم خطوط السكك الحديدية، 40 مطار و100.000سكن. وأضاف أن هذه المشاريع جعلت من مسطرة نزع الملكية العقارية وسيلة مهمة لتكوين الرصيد العقاري اللازم لانجاز التجهيزات والمرافق الأساسية ذات المنفعة العامة بالنظر لصعوبة مسطرة الاقتناء بالتراضي.
وقد عرفت أشغال الندوة التي تم تنظيمها يومي 15و 16 من شهر مارس الجاري بهدف تشخيص الوضعية الراهنة لممارسة مسطرة قانون نزع الملكية العقارية ووضع معالم واضحة لاصلاح إطارها القانوني بالتشارك مع مختلف المؤسسات والهيئات المعنية و الفاعلة في المجال، -عرفت- توقيع اتفاقية تعاون وشراكة بين محكمة النقض ووزارة التجهيز والماء والتي يراد منها تبادل الخبرات وتقوية التكوين ونشر الاجتهادات في هذا المجال، من أجل مباشرة إصلاح أساسي بالنسبة للمملكة المغربية يتمثل في الإصلاح المرتبط بنزع الملكية وكذلك التدابير المواكبة له من أجل ضمان التوازن بين مصلحة المواطنين والمصلحة الجماعية في إطار المنفعة العامة حسب ما صرح به نزار بركة.