
مهنيو نقل البضائع يحذرون من أزمة غير مسبوقة
عاد الاحتقان لقطاع النقل الطرقي للبضائع في المغرب بشكل ملحوظ، عقب قرار الحكومة التوقف عن صرف دفعات دعم المحروقات، رغم استمرار ارتفاع أسعار الوقود والسلع الأساسية، هذا القرار أدى إلى تعميق الأزمة التي يعيشها المهنيون في هذا القطاع، مما جعلهم يحذرون من ” أزمة غير مسبوقة ” الذي يهدد القطاع برمته، ويطالب المهنيون بتدخل فوري من الحكومة لمعالجة الوضع واستئناف صرف الدعم.
أشارت النقابة الوطنية لقطاع النقل الطرقي للبضائع إلى أن المهنيين يواجهون ضغوطًا اقتصادية خانقة نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات، التي تُعد عنصراً أساسياً في تكلفة التشغيل اليومي، ورغم وعود الحكومة السابقة بتقديم الدعم المالي للتخفيف من آثار الغلاء، فإن توقف صرف دفعات الدعم المفاجئ جعل المهنيين في مواجهة مباشرة مع التحديات الاقتصادية دون حماية أو دعم حكومي.
تعيش فئات المهنيين تداعيات اجتماعية واقتصادية سلبية بسبب غياب الدعم الحكومي، إذ أصبح العديد من العاملين في القطاع يعانون من ضغوط مالية تؤثر على مستوى معيشتهم وأسرهم، هذا الوضع يهدد السلم الاجتماعي في القطاع، حيث أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تجد صعوبة في الاستمرار في نشاطها دون دعم أو حلول فعالة من الحكومة، كما أن غياب الدعم يزيد من التوتر بين السائقين وأصحاب الشاحنات، حيث يعاني الجميع من تقلص الأرباح وزيادة التكاليف، ما يدفع البعض إلى الخروج من السوق بشكل نهائي.
أكد المهنيون أن القطاع يقترب من “أزمة غير مسبوقة”، خاصة مع تراجع الدعم الحكومي واستمرار ارتفاع أسعار المحروقات. هذه الظروف أدت إلى تعطل العديد من الشركات الصغيرة والمقاولات الفردية العاملة في النقل الطرقي للبضائع، مما يهدد بتفاقم البطالة في هذا القطاع الحيوي، ويؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني الذي يعتمد على النقل الطرقي للبضائع كأحد عناصره الأساسية.
في بيان لها، دعت النقابة الوطنية الحكومة إلى الإفراج الفوري عن الدفعة السابعة عشرة من الدعم المخصص للمحروقات، ومعالجة الملفات العالقة المتعلقة بالدعم السابق، كما طالبت النقابة بتسقيف أسعار المحروقات، لتفادي استمرار التضخم في تكلفة النقل، والذي يُترجم مباشرة إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات في الأسواق وهو الشيء الذي يلقي بظلاله على القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة.
كما يطالب المهنيون بتعديل مرسوم الولوج إلى مهن النقل ومزاولتها، مؤكدين أن التعديلات المقترحة تهدد بتفاقم المشاكل التي يعاني منها القطاع، ودعوا إلى عدم المصادقة عليها دون تشاور مع المهنيين.
من بين المشاكل الكبرى التي تؤرق المهنيين في قطاع النقل الطرقي للبضائع، تسوية أوضاع الشاحنات التي تتراوح حمولتها بين 3,5 أطنان و19 طنًا، حيث يشدد المهنيون على ضرورة تحديد الحمولة بدقة من المنبع، وتحميل الشاحنين والآمرين بالشحن والوكلاء بالعمولة مسؤولية بيان الشحن، وإعفاء السائقين من التبعات القانونية المرتبطة بتجاوز الحمولة.
في ظل الأزمة الراهنة، يطالب المهنيون أيضًا بتسريع عملية تعديل مواد مدونة السير، خصوصًا فيما يتعلق بالعقوبات الإدارية وسحب الرخص. مدونة السير في المغرب تُعد أحد أهم القوانين التي تنظم قطاع النقل الطرقي، ولها تأثير مباشر على السائقين المهنيين، حيث تتضمن المدونة مجموعة من المواد التي تنظم عمل السائقين، بما في ذلك شروط الحصول على رخصة السياقة المهنية، العقوبات المرتبطة بمخالفات السير، وأيضًا القواعد المتعلقة بالحمولة وسلامة المركبات، بالنسبة للسائقين المهنيين، هناك إجراءات صارمة تتعلق بسحب الرخصة في حالة ارتكاب مخالفات جسيمة، مما يشكل عبئًا كبيرًا عليهم، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، إذ تطالب النقابات المهنية بتعديل مواد مدونة السير لتخفيف القيود المفروضة على السائقين، مثل العقوبات الإدارية المتعلقة بسحب الرخص والغرامات، بما يتناسب مع طبيعة عملهم وتحديات القطاع، وذلك من أجل ضمان استمرارية نشاطهم في قطاع حيوي كالنقل الطرقي للبضائع، وتحقيق توازن بين الحفاظ على السلامة الطرقية ومراعاة مصالح المهنيين، وذلك عبر تدخلٍ تشريعي عاجلًا لضمان حماية المهنيين وتحسين ظروف عملهم.
على صعيد آخر، نبّه المهنيون الحكومة إلى ضرورة التدخل لحل الإشكالات التي ظهرت مع بدء تطبيق مشروع الحماية الاجتماعية للسائقين غير الأجراء الحاملين لبطاقة السائق المهني، ويشكو العديد من السائقين من عدم وضوح الشروط والإجراءات اللازمة للاستفادة من التغطية الصحية، ما يزيد من تعميق الأزمة الاجتماعية التي يعانون منها.
من الناحية الاقتصادية، فإن الأزمة التي يمر بها قطاع النقل الطرقي للبضائع تهدد بعرقلة سلاسل الإمداد والتوزيع في المغرب، ما قد يؤدي إلى نقص في تزويد الأسواق بالسلع والمواد الأساسية. هذا الوضع قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل أكبر، وزيادة التضخم، مما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين.
إضافة إلى ذلك، فإن انسحاب المهنيين من السوق أو تقليص نشاطهم بسبب الأزمة سيؤدي إلى تراجع الإيرادات الضريبية للدولة من هذا القطاع، مما سيؤثر على ميزانية الدولة وقدرتها على تمويل مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة.
في النهاية، فإن غياب الدعم الحكومي وتفاقم الأزمة الاقتصادية في قطاع النقل الطرقي للبضائع قد يؤدي إلى اندلاع احتجاجات أو إضرابات، مما يهدد السلم الاجتماعي في البلاد. المهنيون يرون أن الحكومة يجب أن تتدخل بسرعة لتفادي المزيد من التوترات الاجتماعية، والعمل على إيجاد حلول فعالة ومستدامة لدعم القطاع وضمان استمراريته.
إن إعادة النظر في سياسات الدعم وتعديل القوانين المتعلقة بالنقل الطرقي للبضائع باتت ضرورة ملحة، من أجل الحفاظ على استقرار هذا القطاع الذي يُعتبر من أعمدة الاقتصاد الوطني، وضمان حماية المهنيين الذين يعتمدون عليه لكسب رزقهم.