
نحو ترتيب جديد للأولويات الوطنية
الدكتور محمد التهامي الحراق
ما يجري في العالم من تحولات جذرية تمس بعض الجغرافيات، وأساسا معايير العلاقات الدولية وسُلَّم القيم وطبيعةَ الصراعات والحروب والرهانات المطروحة…يدعونا، وبشكل مستعجل، أفرادا وأسرا وجماعات ومؤسسات مدنية وحزبية ورسمية…أن نعيد ترتيب أولوياتنا ، بالتركيز في نظري على:
– إعادة الاعتبار بشكل فوري وجذري للتعليم والبحث العلمي في مختلف المستويات. إن التعليم هو المصنع الرئيس للعقول والكفاءات والتوجهات والإجماعات…؛ فأكبر الميزانيات يجب أن تصرف وتنفق في إصلاحه وتجويده؛ فالأمر لم يعد متعلقا بالتنمية فقط، بل برهان الوجود في عالم لم يعد يرحم الضعفاء، رغم شعارات النظام الأممي والمؤسسات الدولية والقيم الكونية وحقوق الإنسان…
– العناية ثانيا بالإعلام، بمختلف أشكاله المكتوبة والسمعية البصرية والرقمية…؛ فالحلبة الأولى لكل صراع أو حرب أو تهديد هي المعلومة، والقدرة على التأطير وتسويغ وجهة النظر. وبدون إعلام قوي، فإنه يسهل التعرض لسرطان قلب الحقائق وتشويه الوقائع وإثارة الفتن وتثبيط الهمم وتمزيق المجتمعات…؛
– المحافظة على وحدة الجبهة الداخلية وتقويتها بتثمين الثوابت الدينية والوطنية الضامنة لوحدة الوطن واستقراره وأمنه، وتجديد العمل داخل هذا المشترك الوطني طلبا لنهوض شامل، يهم التنمية الاجتماعية، وترشيد الممارسة السياسية، ودعم الاقتصاد الوطني، والتنافس في خدمة أفق تنموي حضاري كوني يليق بالعمق التاريخيّ والحضاري والروحي لبلد عظيم مثل المغرب.
– إعادة الاعتبار للثقافة والقراءة والمعرفة في الوسط العام، بتكريم أهل النبوغ والإبداع في مختلف المجالات، ومحاصرة مختلف أشكال التفاهة والتزييف التي تنخر المجتمع وتعمل على إغراق سفينته ببطء خبيث وماكر. وهو ما لا يمكن أن نبلغه دون تجديد صياغة مشروع ثقافي مغربي يُثَوِّر إمكاناتنا المتميزة، وينظر في الغنى الروحي والرمزي والأدبي والفني الذي يميز المغرب، ليحوله إلى رافعة حضارية وتنموية بالمعنى النبيل والشامل والشامخ للاصطلاح.
هذه، في نظري المتواضع، أولوياتٌ أولية مستعجلة تتأسس في روحها على تثمين المكاسب وتجاوز المثالب.