
نحو إحياء حضاري: تجديد العلاقة بالقرآن والشعائر لصناعة المستقبل
الدكتور محمد التهامي الحراق
أملي أن يستثمر المسلمون الزمان الكريم في دينهم، ومواقيت النسك والعبادة في شعائرهم، لمراجعة علاقتهم بالقرآن الكريم، وكمالات نبيهم الخاتم، وماضي حضارتهم، وحاضر الإنسانية، بالتاريخ وبالوجود؛ وأن تكون هذه السنحات فرصة لطرح الأسئلة الكبرى عن طبيعة العالم الذين يحضرون فيه اليوم ودورهم في هذا العالم؛ ومدى إسهامهم في إنقاذ الإنسان والإنسانية اليوم من إحراجاتها الوجودية والمعرفية والروحية والأخلاقية؛ فضلا عما يخترقها من أزمات في الثقافة والاجتماع والاقتصاد والبيئة والقيم…؛ لا مناص من أن يغير المسلمون اليوم بوصلتهم؛ أن يحرروا علاقتهم بشعائرهم من التطقيس والتسييس، ليجدّدوا من قدرتها على تحفيزهم على صناعة التاريخ. فالمؤمن القوي خير عند الله من المؤمن الضعيف؛ والقوة اليوم علم وتعليم وإعلام وتنظيم وعدل وإخلاص وبذل وتكافل واستيعاب للتحولات وقدرة وإقدار على الفهم والفعل والتأثير.
لنجعل من مواقيت عبادتنا فرصة لتجديد استمدادنا من السماء ما به نجدد فعلنا وحضورنا واستخلافنا في الأرض. دون ذلك، ستكون الشعائر طقوس حداد على خروجنا من التاريخ، وفي أفضل الأحوال، ستكون مشافي تسكن من روعنا، وتقدرنا على تحمل هذا الخروج أملا في تعويض أخروي، هو منذور في القرآن الكريم للمؤمنين الأقوياء القادرين على التثوير المتجدد للقرآن، والحافظين لأمانة الاستخلاف في الأرض، والوارثين لرسالة الإصلاح والصلاح في التاريخ.