
مسؤولية الآباء عن أفعال الشغب والعنف خلال مظاهرات جيل Z
في ظل تصاعد أحداث الشغب والعنف التي رافقت بعض المظاهرات التي خرجت في عدد من المدن المغربية، يطرح سؤال المسؤولية القانونية للأسر عن مشاركة أبنائها القاصرين في هذه الأعمال التخريبية. كثير من الآباء يعتقدون أن صغر سن الأبناء يعفيهم من تبعات القانون، غير أن التشريع المغربي واضح في تحميل الأسرة جزءاً كبيراً من المسؤولية الجنائية والمدنية.
المسؤولية الجنائية للقاصر في القانون المغربي
القاصر في المغرب، أي من يقل عمره عن 18 سنة، يخضع لقضاء الأحداث الذي يأخذ بعين الاعتبار عامل السن. ومع ذلك، لا يُعفى القاصر من المحاسبة، حيث يمكن أن يتعرض لعقوبات سالبة للحرية مخففة، أو يخضع لتدابير إصلاحية وتربوية مثل الإيداع في مراكز متخصصة أو المراقبة القضائية. الهدف من هذه التدابير هو إعادة إدماجه في المجتمع، لكن ذلك لا يعني تجاهل تبعات أفعاله أو إعفاؤه من المسؤولية الجنائية.
المسؤولية المدنية للأسرة وفق الفصل 85 من قانون الالتزامات والعقود
إلى جانب المسؤولية الجنائية، تقع على الأسرة تبعات مدنية صريحة، حيث ينص الفصل 85 من قانون الالتزامات والعقود على أن: “الأب والأم مسؤولان عن الأضرار التي يحدثها أولادهما القاصرون الساكنون معهما.”
بموجب هذا الفصل، كل ضرر ناتج عن أعمال الشغب، سواء تخريب الممتلكات العامة أو الاعتداء على الغير، قد يلزم الآباء بأداء تعويضات مالية للضحايا، حتى في غياب أي خطأ مباشر منهم.
تبعات خطيرة على الأسر
المسؤولية القانونية لا تقف عند القاصر، بل تمتد لتشمل الآباء، مما قد يترتب عنه أعباء مالية وقضائية ثقيلة. هذه التبعات قد تهدد الاستقرار المادي والمعنوي للأسر، كما قد تترك آثاراً سلبية على سمعتها ومستقبل أبنائها. لذلك، فمراقبة سلوك القاصر وتوجيهه ليست مجرد التزام أسري أو تربوي، بل واجب قانوني صريح.
دور الأسرة في الوقاية ومراقبة الأبناء
الأحداث الأخيرة التي تعرفها بعض المدن المغربية تؤكد ضرورة أن تراقب الأسر سلوكيات أبنائها، خصوصاً في ظل التأثير الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي التي قد تدفع القاصرين للانخراط في احتجاجات تنحرف عن مسارها السلمي. الأسرة مطالبة باليقظة، وتوجيه الأبناء لفهم خطورة الانجرار وراء الدعوات غير المسؤولة، لما قد تجره من متابعات جنائية وتعويضات مالية قاسية.
مظاهرات جيل Z بالمغرب وما رافقها من أعمال شغب تعيد إلى الواجهة التأكيد على أن القاصر لا يُعفى من المسؤولية الجنائية، وأن الأسرة تتحمل بدورها مسؤولية مدنية واضحة بموجب القانون المغربي. وعليه، فإن توجيه الأبناء ومراقبتهم أصبح أكثر من واجب أخلاقي، بل مسؤولية قانونية حقيقية قد تقي الأسر من تبعات خطيرة.