
إعادة إعمار غزة: خطة القاهرة تتبناها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي
تبنت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي خطة مصرية لإعادة إعمار غزة، وذلك بعد الدمار الكبير الذي شهدته المنطقة جراء الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023 بين إسرائيل وحركة حماس. هذه الحرب خلفت خسائر بشرية ومادية جسيمة، حيث تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين 47 ألف شخص، إضافة إلى 111 ألف جريح و10 آلاف مفقود، مع نزوح قرابة 1.9 مليون شخص. من الجانب الإسرائيلي، سُجلت 2000 حالة وفاة و13.500 جريح و251 أسيرًا و25 مفقودًا، إلى جانب نزوح 200 ألف شخص. ووفقًا لتقرير جواد كردودي، رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية، فإن قطاع غزة تحول بالكامل إلى أنقاض بسبب القصف الإسرائيلي الكثيف.
في مواجهة هذا الوضع المأساوي، دعت مصر إلى قمة عربية استثنائية انعقدت في 4 مارس 2025 بالقاهرة، حيث تم تبني خطة لإعادة إعمار غزة بقيمة 53 مليار دولار تمتد على مدى خمس سنوات. ووفقًا لتقرير جواد كردودي، تتضمن الخطة ثلاث مراحل؛ الأولى بتكلفة 3 مليارات دولار لمدة ستة أشهر، تشمل إزالة الألغام والأنقاض وتشييد مساكن مؤقتة لإيواء 1.5 مليون شخص. أما المرحلة الثانية فخصصت لها 20 مليار دولار لبناء البنية التحتية الأساسية والمساكن الدائمة، في حين تركز المرحلة الثالثة التي تتطلب 30 مليار دولار على إتمام مشاريع البنية التحتية وإنشاء منطقة صناعية وميناء تجاري ومطار.
الخطة المصرية دعت أيضًا إلى بدء عملية سياسية تهدف إلى تحقيق حل عادل ودائم يمكّن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة. كما ناشد البيان الختامي لمجلس الأمن الدولي إرسال قوات حفظ السلام لضمان أمن الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، مع التأكيد على الدور الحيوي الذي تقوم به وكالة الأونروا في دعم اللاجئين الفلسطينيين.
من جهة أخرى، أشار تقرير جواد كردودي إلى أن القمة العربية شجبت تراجع إسرائيل عن التزاماتها فيما يتعلق بخطة وقف إطلاق النار الموقعة في 15 يناير 2025. فقد رفضت إسرائيل تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق التي تنص على انسحاب قواتها الكامل من غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المتبقين، متذرعةً باقتراح أمريكي لتمديد المرحلة الأولى حتى أبريل 2025. بالإضافة إلى ذلك، أقدمت إسرائيل في 2 مارس على عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وفي 9 مارس قامت بقطع إمدادات الكهرباء عن القطاع.
وفي خطوة داعمة للخطة المصرية، صادقت منظمة التعاون الإسلامي رسميًا على المبادرة العربية خلال اجتماعها في 1 مارس 2025 في جدة. كما حظيت هذه الخطة بتأييد واسع من الأمم المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا باعتبارها “مسارًا واقعيًا نحو إعادة إعمار غزة”. وتنتظر الخطة الآن موافقة الاتحاد الأوروبي، اليابان، الصين، ودول أخرى.
وخلال مشاركته في قمة جامعة الدول العربية واجتماع منظمة التعاون الإسلامي، جدد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة تأكيد دعم الملك محمد السادس للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وشدد على ضرورة ترسيخ وقف إطلاق النار، تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وضمان إعادة إعمار غزة في إطار سياسي شامل. كما أكد على أهمية الحفاظ على الوضع القانوني لمدينة القدس، مشيدًا بدور لجنة القدس ووكالة بيت مال القدس في دعم سكان المدينة المقدسة.
وخلص تقرير جواد كردودي إلى أن تبني الخطة المصرية من قبل الدول العربية والإسلامية، إلى جانب التأييد الدولي الواسع، يعكس عزلة سياسية متزايدة لإسرائيل والولايات المتحدة. ويؤكد هذا التطور أن إعادة إعمار غزة بشكل فعلي هي الخطوة الأهم لإثبات التزام الدول العربية والإسلامية بتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.