ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 34

إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

السي التهامي بوشير: أحد الوطنيين الذين أبلوا البلاء الحسن ضد المستعمر الفرنسي بأسفي وأحد رجالات أسفي ممن كانت لهم الأيادي البيضاء على الكثير من الوطنيين في أسفي (مقاومين وفدائيين) إذ كان يمد الحركة الوطنية بأسفي بالكثير من المساعدات منذ 1948 إلى حين حصول المغرب على استقلاله عام 1956.
كان بيته مفتوحا أمام الوطنيين، خاصة المشهور من التنظيمات الفدائية بأسفي التي حملت لواء التصدي للمستعمر الفرنسي، كمنظمة الأحرار التي تعد أول تنظيم فدائي يرفع لواء الكفاح المسلح بهذه المدينة.. ومنظمة أسود التحرير التي أسسها مولاي الطيب النقراشي إلى جانب لحسن تاغجست سنة 1953، ثم منظمة المقاومة والتحرير التي أسسها كل من عبد الرحمان الكتاني وعلال بن ركيك، إضافة إلى منظمة اليد المباركة ومنظمة المقاومة السرية التي أسسها محمد بن هدي الرضاوي.. أما الجماعة التي كان ينتمي إليها التهامي بوشير، فكانت تحمل رقم 12التي كان يسيرها السي محمد بلبشير إلى جانب الفقيه محمد السرغيني والسي عبد السلام المستاري والسي بوبكر التيوية، وآخرون من الحركة الوطنية بأسفي . وهذه الجماعة كانت ضمن 17 منظمة أخرى كانت تنشط ضد المحتل الفرنسي.
لقد كان السي التهامي يقوم بأدوار مهمة في صفوف الحركة الوطنية بأسفي، لدرجة أن المحتل الفرنسي، وضعه تحت الحراسة الشديدة بغية التضييق على تحركاته، إلى أن ألقي عليه القبض في 11 يناير، ليصدر في حقه الحكم بالنفي خارج مدينة أسفي، كما تم الحكم عليه مرة أخرى بثلاثة أشهر سجنا.. وعند إتمامه لهذه المدة السجنية، وجهت له من جديد الكثير من التهم، منها تهديده للتجار بإغلاق محلاتهم التجارية احتجاجا وضدا على سياسة المستعمر الفرنسي في المدينة باعتباره كان أمينا للتجار بأسفي، إضافة إلى تهمة أخرى تتمثل في كونه كان يمنع التجار من تموين الجيش الفرنسي بأسفي، ومده السيد عبد الرحمان بن الشيخ بأخبار الجرائم التي كان يرتكبها الفرنسيون في أسفي ضد أهالي هذه المدينة، وذلك بهدف نشرها في جريدة “العلم”.. إذ كان قسم الاستعلامات يتابع أخبار الوطنيين أولا بأول. وعلى الرغم من ذلك، لم ينل هذا الأمر من عزيمته ووطنيته، حيث استمر في توزيع المناشير بغية إلهاب حماس الوطنيين.
إلى جانب ما سبق، كان يأتي بالمناشير من الدار البيضاء إلى أسفي عبر شاحنة نقل الخضر  مخبأة بعناية كبيرة، يستحيل أن يدركها مراقبو الطرق. وحين يوصلها، يقيم ليلة لقراءة القرآن يحضرها الوطنيون ليسلم لهم خفية تلك المناشير، موهما أدناب الاستعمار أنها وليمة للذكر والصلاة على النبي لا أقل ولا أكثر. لكن الهدف الحقيقي هو إيصال أخبار المقاومين في جهات أخرى بغية التنسيق بينهم، هدفهم تخليص الوطن من ربقة الاستعمار.
لا يزال هذا الرجل حيا يرزق، يتاجر في الألبسة الجاهزة بدكانه الكائن بالقيسارية الموجودة بشارع بئر أنزران بالمدينة القديمة قرب المسجد الأعظم.. يتذكر تلك الأيام، يحدثك عنها حديثا يحمل في ثناياه الكثير من التأثر، فهو مزيج بين الماضي والحاضر.. الماضي بكفاحه وثباته أيام كل الصعاب آنذاك، والمتمثل في تنكيل المستعمر بأهالي المدينة والحاضر الذي أصبح فيه المغرب ـ ولله الحمد ـ ينعم بالأمن والاستقرار في ظل رائد مسيرة التقدم والنماء، جلالة الملك محمد السادس حفظه الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية عشر − ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض