ثقافة

حماية حقوق الحيوانات بالمغرب.. في الحاجة إلى حلول مستدامة لضمان توازن الأنظمة الإيكولوجية

الحديث عن حقوق الحيوان في المغرب، موضوع لا ينال من الاهتمام ما يكفي، بل لا يعتبر ذي قيمة بالنسبة للكثيرين، لكن تعميق النقاش بشأنه يقود حتما إلى تشكيل قناعة جماعية بكونه، وفي سياق رؤية شمولية، يرتبط ارتباطا عضويا بحماية البيئة وبحياة الكائن البشري.

ومن هنا تحديدا تتأكد ضرورة توفير الحماية اللازمة للحيوانات، لسبب بسيط هو أنها تقع في صلب حفظ توازن الأنظمة البيئية. كما أن الحفاظ على الثروة الحيوانية وتطويرها يضطلع بدور أساسي ومتزايد في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وبناء عليه، فإن الأصوات التي ترتفع دفاعا عن الحيوانات من باحثين أو جمعيات المجتمع المدني، تنطلق من هذا المنظور الشمولي للتنمية، ومن بينهم السيدة جميلة مرابط، الباحثة في شؤون الطاقة والبيئة والتنمية، التي ترى أن الاهتمام بحقوق الحيوان والدفاع عنها، هو في جوهره كفاح من أجل الإنسان.

واعتبرت، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المجتمع، الذي يولي أهمية كبرى لحقوق الحيوان، يكون بالضرورة مجتمعا مكرسا لحقوق الإنسان بمختلف تمظهراتها، لافتة إلى أن الثقافة الحقوقية السليمة والمتطورة لا تقبل بالتراتبية في الحقوق أو التمييز في الأولويات الحقوقية.

وأكدت مرابط، الحاصلة على دكتوراه في القانون العام، أن المجتمع المتطور لا يقاس بتعامله مع البشر فقط، إنما بتعامله أيضا مع الحيوانات، مشددة على أن “الرفق بالحيوان والعناية به هو موضوع مهم ولا يمكن إهماله بانتظار حل باقي المشاكل، لأن الحلول تأتي في سلة متكاملة”.

وفي معرض تفصيلها في موضوع حقوق الحيوان بالمغرب، أبرزت مرابط أنه رغم الترسانة القانونية المؤطرة لحقوق الإنسان والبيئة، فقد ظل الوضع الحقوقي للحيوان بالمغرب “خارج كل نقاش حقوقي أو فكري، إلا في بعض الجوانب المتعلقة بحظر الصيد في أماكن معينة أو خلال الراحة البيولوجية، أو تعرض شخص ما للأذى من حيوان، أو تم الاعتداء على حيوان مملوك (مستأنس به) كما هو منصوص عليه في القانون الجنائي المغربي خاصة الفصلين 609، و 401”.

وعزت صاحبة مؤلف “حقوق الحيوانات من المكانة الأدبية إلى الحقوق الأساسية – منظومة حقوقية متناغمة “، سبب ذلك، إلى “عوامل ثقافية واجتماعية، تتمثل بالأساس في النظرة الدونية السائدة التي عادة ما ينظر بها إلى الحيوان.

وأوضحت مرابط، التي تشغل أيضا منسقة بمركز المنارة للدراسات والأبحاث، أن الحيوان الذي يعتبر كائنا حيا إلى جانب الكائن الإنساني، ينظر إليه، انطلاقا من هذه العوامل، “ككائن أدنى لا ينبغي أن يتمتع بأية حقوق أو أية حماية قانونية، فقد جرت العادة أن يعتبر دائما في درجة أدنى من الكائن البشري أو الإنساني، الشيء الذي يبرر أي سلوك عدواني ضده”.

ولهذه الأسباب تحديدا، شددت على أنه يجب أن يندرج الدفاع عن الحيوانات في خانة الاهتمام بإجراءات حماية البيئة من منظورها الشمولي، فكل نوع أو صنف أو أي عنصر من عناصر البيئة هو جزء من الذخيرة الوراثية، فضلا عن أن الثروة الحيوانية الحية، على حد قولها، هي عنصر يدخل بالدرجة الأولى في تكامل مع النظام البيئي الذي ما عاد بالإمكان الخروج منه، فهي تلعب دورا هاما في حفظ توازن الأنظمة البيئية.

لذلك، تضيف، يتعين على الإنسان تحمل مسؤوليته في ماهية البيئة التي يعيش فيها، فبقاؤه من بقائها، وليس الواجب فقط الذي يفرض الاعتناء بها، بل المصلحة العامة.

واعتبرت مرابط، التي تشغل أيضا رئيسة فرع مؤسسة FAN لرعاية وحماية الحيوان والطبيعة جهة فاس_مكناس، أنه من أجل حفظ حقوق الحيوان يتعين طرح وضعية الحيوان في المغرب للنقاش العمومي على مختلف الأصعدة، سواء كانت فكرية أو حقوقية أو سياسية، عبر بلورة قانون يعترف لهذه الكائنات بكينونتها ويجرم كل فعل يسيء إليها.

وذهبت إلى أن مقتضيات هذا القنون ينبغي أن تسهم في تطوير المنظومة التشريعية، خاصة التي تضمن استدامة التنوع البيولوجي في البيئة المحلية، واستكمالا للقوانين البيئية المعمول بها وللاتفاقيات الدولية والمحلية، كاتفاقية الإطار للشراكة والتعاون لمعالجة ظاهرة الكلاب والقطط المتشردة التي تم توقيعها بين وزارة الداخلية والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية ووزارة الصحة والهيئة الوطنية للأطباء البياطرة في 28 فبراير 2019، و” التي إلى الآن لم يتم تفعيلها “، استنادا إلى تصريحها.

وفي السياق ذاته، اقترحت مرابط صياغة مشروع قانون إطار للحقوق الأساسية للحيوانات في المغرب لنشر ثقافة الرفق بالحيوان والوعي بالدور الإيكولوجي الذي تلعبه الحيوانات داخل المنظومة البيئية من حفظ للتوازن البيئي والجمالي .

وكشفت أن أحدث الدراسات العلمية التي أجراها علماء النفس والاجتماع أثبتت قدرة الحيوانات الأليفة في تقديم الدعم على الصعيد النفسي والصحي والاجتماعي لأصحابها، خاصة التي تربى داخل المنازل، وهذا الدور يعود لوسائل الإعلام والبرامج التعليمية بالمدارس وجمعيات المجتمع المدني التي تعنى برعاية الحيوانات.

وبخصوص مساهمة المجتمع المدني في هذا المجال، أبرزت مرابط أن “مساهمة جمعيات الرفق بالحيوان، تعد على رؤوس الأصابع بعد أن أقفل جلها أبوابه بسبب قلة المساعدات”، مضيفة أنها “تبقى هي الآلية الناجعة لنكفل لهذه الكائنات حقها في الحياة، خاصة وأن هناك جمعيات حاملة لمشاريع بيئية وتعتبر حماية الحيوان من ضمن أولوياتها”.

ولجميلة مرابط، (المزدادة سنة 1981 بتافراوت) مجموعة من المؤلفات منها “الطاقات المتجددة وغير المتجددة وتداعيات التحول” (دار النشر السالم 2021)، و”فقه البيئة والوجه الحضاري في رعايتها”(دار النشر الدولية نور، 2017)، وكتاب جماعي “الأمن في المتوسط الإشكاليات النظرية والقضايا الإستراتيجية 2020، فضلا عن مساهمتها في العديد من المجلات العلمية المتخصصة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض