مجتمع

مظاهر من الشعبوية الدينية….

الدكتور محمد التهامي الحراق

من مظاهر الشعبوية أن يتولى بعض “الباحثين القرآنيين!!”، رفع شعار “التجديد!!” و”تجاوز التفسيرات القديمة!!”، وتقديم “فهم صحيح!!” لعدد من المفاهيم والآيات القرآنية الكريمة…، مع كيل “التحقير والتنقيص” لعلمائنا القدامى؛ في الوقت الذي تكتشف بالمتابعة الوئيدة لخطاب هؤلاء “الباحثين القرآنيين!!”، أنهم غير مطلعين على أعمال التراث التفسيري الواسع؛ بل غير متمكنين من أوليات المعارف اللغوية العربية والقرآنية، فيما يتحدثون باسم “المنطق” و”الرياضيات” و”التحليل العلمي التجريبي” ..عن نص لغوي وحياني ديني له خصائصه اللسانية والبلاغية والدلالية والجمالية والسياقية والتاريخية والمتعالية….؛ أي خصائص لا يمكن استجلاؤها بالأدوات المنهجية “العلمية” المزعومة لعدم ملاءمتها الإجرائية لطبيعة الموضوع وخصائص النص.
قل الأمر نفسه عن بعض “الشيوخ الشعبويين” الذين ينتحلون معجم “التصوف” و”الكشف” و”العلم الوهبي” و”المعارف الباطنية”…؛ فيما تجدهم لا يحسنون حتى قراءة الآيات القرآنية قراءة سليمة، الأمر الذي ظل العارفون الأكابر ينبهون عليه ويدعون إلى الحذر منه؛ وفي طليعتهم الإمام الجنيد، سيد الطائفة، الذي اشتهر عنه قوله: “من لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث لا يُقتدى به في هذا الأمر، لأن علمنا هذا مقيَّد بالكتاب والسنَّة”. إننا، هنا، إزاء غياب أوليات فهم الدين وهبا وكسبا، بله الحديث في التجليات والمكاشفات والواردات…، وبله الحديث بما يتلاءم والرهانات الروحانية في الحاضر وأسئلة ابستميته المخصوصة؛ لأن المفروض والمتوقع أن يكون “الصوفي ابن وقته”.
هذه إضاءات فقط لما نعنيه ب “الشعبوية الدينية”، والتي تتذرع ب”التجديد” و”الإحياء”، فيما ثمة نماذج أخرى تنتحل شعار “السلف” و”السلفية”، وهي لا تقل هولا وفظاعة عن النماذج المذكورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 − 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض