
الهجرة الرقمية.. جنوب إفريقيا في المؤخرة
تم تأجيل الانتقال من البث التناظري إلى الإشارة الرقمية في جنوب إفريقيا، إلى أجل غير مسمى، في ظل صدور قرار المحكمة الدستورية للبلاد بإلغاء خطط الحكومة الرامية إلى إنهاء البث التلفزيوني التناظري.
ويؤكد القرار الحق في الحصول على المعلومة مما يلقى معارضة من لدن فقراء هذا البلد، لأن الحكومة تأخرت في نشر أجهزة التشفير التي يحتاجون إليها للوصول إلى الإشارة الرقمية الجديدة.
وقد تكون الهجرة الرقمية واحدة من أكبر التحولات التي شهدها التلفزيون الإفريقي منذ وصوله إلى القارة. وهذا التحول سيكون له أثره على المذيعين أنفسهم كما المشاهدين. ذلك أن مالكي التلفزات سيكونون مضطرين لشراء جهاز استقبال أو تلفزة جهاز تلفزيون جديد، مما يرفع من تكلفة التحول على نطاق واسع، خاصة بالنسبة للفقراء.
لهذا السبب، لجأت بعض مجموعات المجتمع المدني إلى القضاء لوقف هذه العملية، بحجة أن التوقيت غير ملائم لأن الملايين من سكان جنوب إفريقيا لن يتمكنوا من الولوج إلى الإشارة الرقمية الجديدة.
ومن شأن قرار المحكمة أن يؤخر الانتقال إلى البث الرقمي، وأن يبقي جنوب إفريقيا في صراع مرير لفترة أطول بسبب نقص النطاق الترددي الذي تحتاجه.
ويدل هذا القرار الذي صدر قبل يومين فقط من الموعد النهائي المحدد له، على أن الحكومة فشلت في حصر عدد الأشخاص الذين لن يكون بمقدورهم الوصول إلى التلفزيون عند قطع الإشارة التناظرية.
وكانت حكومة جنوب إفريقيا قد أمضت سنوات عديدة لضمان انتقال سلس وضمان استمرار وصول الأسر الفقيرة إلى خدمات التلفزيون، إلا أنها فشلت في القيام بذلك. فالتسرع في اللحظة الأخيرة والآجال المحددة لا يمكن أن يحجب حقيقة أن ثلث سكان هذا البلد ، من بين ساكنة يناهز عددها 60 مليون نسمة ، قد ترك بدون إمكانية الوصول إلى الخدمة التلفزيونية.
واستغرق مسلسل هجرة جنوب إفريقيا من التناظرية إلى الرقمية سنوات عديدة. ذلك أن البلد توقع إيقاف البث التماثلي في عام 2011، قبل انتهاء الأجل الذي حدده الاتحاد الدولي للاتصالات في عام 2015. وبالفعل، التزمت البلدان الإفريقية بالانتقال إلى البث الرقمي بحلول يونيو 2015، في تحد يعد أحد أهم التحولات الأساسية التي تم إجراؤها في البث الأفريقي في العقد الماضي.
في جنوب إفريقيا، عرفت عملية التحول الرقمي عرقلة بسبب مزاعم الفساد واتهامات للتلفزيون الفضائي في جنوب إفريقيا Multichoice بتكييف العملية وفقا لأجندته الخاصة.
ومع ذلك، جعلت حكومة جنوب إفريقيا من إصلاح المشهد الرقمي أولوية سياسية، حيث عملت على استكمال مسار الهجرة الرقمية، من خلال نقل البث التلفزيوني التناظري إلى منصة رقمية جديدة وهي التلفزة الرقمية الأرضية.
وقد انتقد الوزير الحالي للاتصالات كومبودزو نتشافيني ، مؤخرا ، معارضي الهجرة الرقمية، مؤكدا أن البلاد بحاجة إلى سد الفجوة الرقمية، لا سيما في قارة لا يزال غالبية السكان فيها معزولين عن العالم الرقمي وبعيدين عن الولوج للتكنولوجيا.
وبعد سنوات عديدة من التأخير، تغير المشهد بشكل كبير، حيث لم يقو التلفزيون الرقمي الأرضي على مقاومة الخدمات المستندة إلى الإنترنت مثل Netflix وخدمات الأقمار الصناعية، على الأقل بالنسبة للطبقات المتوسطة، كما أن أفقر سكان جنوب إفريقيا لازالوا يعتمدون بشكل كبير على النظام التناظري.
ووفقا للتقارير المقدمة إلى المحكمة الدستورية، كان من الممكن أن يظل حوالي 36 في المائة من سكان البلاد في “الظلام التلفزيوني” في نهاية يونيو الماضي في حال تم الإغلاق التناظري.
لذلك، فإنه على الرغم من أن عملية إيقاف البث التناظري جارية منذ سنوات عديدة، فإن التقدم بطيئ للغاية حيث يزداد الضغط من أجل المزيد من عرض النطاق الترددي بشكل كبير.