
الحرب في أوكرانيا: ماذا عن وقف إطلاق النار؟
تعيش الحرب في أوكرانيا مرحلة حرجة مع تصاعد التوترات السياسية والدبلوماسية بين الأطراف المعنية. وفقًا لجواد كردودي، رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية (IMRI)، فإن النزاع الذي اندلع منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014 وتفاقم مع غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير 2022، ما زال يراوح مكانه وسط تعقيدات سياسية متزايدة.
حسب جواد كردودي، فإن روسيا تسيطر حاليًا على أربعة أقاليم في منطقة دونباس، بينما نجحت أوكرانيا في استعادة جزء صغير من إقليم كورسك الروسي. وقد خلف النزاع أكثر من مليون قتيل وجريح، مع دمار هائل في البنية التحتية الأوكرانية.
ويضيف كردودي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تولى منصبه في 20 يناير 2025، وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن. وفي هذا الإطار، أجرى مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين يوم 12 فبراير 2025، تبعتها لقاءات بين مسؤولين أمريكيين وروس في الرياض يوم 18 فبراير بهدف تطبيع العلاقات بين البلدين والتحضير لقمة بين ترامب وبوتين.
لكن حسب جواد كردودي، فإن المفاوضات لم تخلُ من توترات حادة. ففي 28 فبراير 2025، شهدت واشنطن مواجهة علنية بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث وجه الرئيس الأمريكي انتقادات لاذعة لزيلينسكي، متهمًا إياه باتخاذ مواقف ضعيفة في مواجهة روسيا وعدم احترامه للولايات المتحدة. هذه التوترات دفعت واشنطن إلى تعليق مساعداتها المالية والعسكرية لأوكرانيا، إلى جانب وقف تزويد كييف بالمعلومات الاستخباراتية حول مجريات الحرب.
ويؤكد جواد كردودي أن الرئيس زيلينسكي اضطر لاحقًا إلى تقديم اعتذار علني، مشيدًا بالدعم الأمريكي لبلاده. وفي 11 مارس 2025، أرسلت أوكرانيا وفدًا إلى جدة للقاء وفد أمريكي، ما أسفر عن اتفاق على وقف إطلاق نار لمدة 30 يومًا، ورفع تعليق المساعدات الأمريكية. كما نص الاتفاق على تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، والإفراج عن المعتقلين المدنيين، وعودة الأطفال الذين تم ترحيلهم إلى روسيا.
ويشير كردودي إلى أن ما يلفت الانتباه في هذه التطورات هو غياب الدول الأوروبية عن هذه المفاوضات. وقد أثار هذا الإقصاء غضب القادة الأوروبيين الذين عقدوا اجتماعات في لندن وبروكسل وباريس للاحتجاج على استبعادهم من المحادثات، مع الدعوة إلى زيادة الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا وتشكيل قوة دفاع أوروبية مستقلة عن الولايات المتحدة.
ويضيف جواد كردودي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يرفض وقف إطلاق النار، لكنه اشترط أن يؤدي ذلك إلى سلام دائم يعالج جذور النزاع. كما أبدى قلقه من أن تستغل أوكرانيا الهدنة لإعادة تسليح نفسها بمساعدة الغرب.
ويوضح كردودي أن بوتين زار منطقة كورسك يوم 12 مارس مرتديًا الزي العسكري، في إشارة واضحة إلى عزمه على استعادة الجزء الذي تسيطر عليه أوكرانيا من هذا الإقليم قبل سريان وقف إطلاق النار.
ويؤكد جواد كردودي أن هذه التطورات تعكس مأزقًا حقيقيًا في مسار الحرب. فبينما يسعى ترامب إلى وقف سريع لإطلاق النار لتحقيق وعده الانتخابي، يعمل بوتين على كسب الوقت لاستعادة أراضٍ يراها ضرورية لمصالح بلاده.
وحسب كردودي، فإن غياب اتفاق شامل حول ضمانات أمنية لأوكرانيا وروسيا زاد من تعقيد المشهد، ما دفع إدارة ترامب إلى فرض عقوبات جديدة على موسكو استهدفت قطاعات النفط والغاز والبنوك.
ويخلص جواد كردودي إلى أن المكالمة الهاتفية المرتقبة بين ترامب وبوتين يوم 18 مارس 2025 ستكون حاسمة في تحديد مصير وقف إطلاق النار. لكنه يرى أن فترة الهدنة المؤقتة البالغة 30 يومًا لا تبدو كافية لحل جميع المشاكل العالقة، ما يستدعي تمديدها إلى 3 أو حتى 6 أشهر من أجل التوصل إلى حلول أكثر شمولية تنهي النزاع المستمر في أوكرانيا.