
الدكتور عباس الجراري ، شخصية موسوعية متعددة العطاءات -الحلقة 6
إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي
كان أستاذنا السي عباس الجراري رحمه الله ، رجلا اجتماعيا ، وشخصية محبوبة لدى الجميع . كرس حياته وطاقات نشاطه العقلي لخدمة وطنه وأمته العربية والإسلامية بل والإنسانية من خلال مشروعه العلمي والفكري . كان أيضا حكيما في رأيه وقوله ، سديدا في المشورة ، ذا علم مكين وثقافة متنوعة شاملة .. صاحب مبادئ وقيم ومواقف ، متواضعا لدرجة كبيرة . فكل من يعرف أستاذنا ، لا بد وأن يدرك على الفور هذه الصفات الحميدة التي يتمتع بها رحمه الله .
إنني وأنا أكتب عن أستاذنا الكبير ، أستاذ الأجيال الدكتور عباس الجراري ، أشعر أني أنهض بعبء كبير ، وأن أعلم ثقل المئونة فيه ، كما أنني أشعر بالخجل وأنا أقف أمام شخصية كبيرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى وإجلال .
فعلا كنت ـ وكباقي زملائي الطلبة ـ طيلة فترة الإجازة سعيدا بما كنت أتلقاه عن أستاذنا من محاضرات تهم أدبنا المغربي في شقيه المدرسي والشعبي ، وكان الشغف والحب يزداد كلما وقف أمامي ، حيث وجدت فيه المعاني النبيلة والأساليب الجميلة ، كما شعــرت فـي شخصيته بالبصيرة والإحساس المرهف . فكلما اقتربت منه ، تجد أنك لست أمام شخص مجرد أستاذ باحث ، إنه بوابة واسعة للعلوم والمعرفة والفنون ، نبع لا ينضب ، إنه من تلك الأنماط النادرة ، يصول ويجول في محاضراته وأبحاثه وكتاباته التي تكشف لقارئها بوضوح العمق الثقافي والفكري لأستاذنا الجليل عميد الأدب المغربي . وهو بهذا التوجه ، منحنا الثقة بالنفس ، ودفع بنا إلى حب العمل والاجتهاد والإبداع . وبذلك ، يكون رحمه الله ممن وضعوا الثوابت الأساسية لبناء الفكر الإنساني المستنير . فمعذرة أخي القارئ الكريم إن غابت عني حقائق أخرى تميز بها أستاذنا عن غيره ، لأن الحديث عن العمالقة والعباقرة ليس بالأمر السهل ، ذلك لأن تاريخهم طويل وعميق.. فالمدرسة الجرارية التي ننتسب إليها بكل فخر واعتزاز ، نبع يفيض بالحب والنبل والتقدير والوفاء والإخلاص .
يتبع ..