مجتمع

بركة يوم الجمعة

الدكتور محمد التهامي الحراق

يوم الجمعة أفق زمني يستوعب ما يتجاوزه. نافذة من داخل الزمن على ما يتعذر على التزمين. إن تلاوة سورة الكهف، وأداء صلاة الجمعة، واستحضار الرمزية الدينية والروحية ليوم الجمعة في السردية الإسلامية والممارسات الثقافية المسلهَمة منها في اللباس والتحية والطبخ والبرنامج الحياتي والروحي خلال هذا اليوم؛ كل ذلك يشكل منهَلا منسيا، لم تتم إعادة التفكير فيه لتجديد تثميره روحيا واجتماعياً، وتعليميا وإعلاميا، وجماليا وفنيا…أشعر بأن مُكتَنَزات يوم الجمعة الرمزية سواء في المرجعية الدينية التأسيسية في النصوص الوحيانية وقراءاتها، أو في الذخيرة التدينية الإسلامية بعامة، والمغربية تعيينا في سياقنا؛ كل ذلك لم يتم تقليبه وتفليحه وتجديد الاستمداد منه بما يكفي لتفجير طاقات الإبداع والعمل والتحدي ومواجهة المستحيل لدى المؤمن المعاصر. إن الخطاب المألوف إلى درجة الرتابة، أحيانا، عن هذا اليوم وفيه، صار يحجب الأنوار الدفَّاقَة واللامتناهية التي يكتنزها ويختزنها هذا اليوم في ذاكرته الروحية وفي وعوده المفتوحة. ليس المشكل في ما تعرض ويتعرض له هذا الزمن القدسي من علمنة فقط، بل المشكل أساسا في عدم قدرتنا على إعادة استنبات أبعاده الرمزية ووظائفه العميقة في السياق الحديث، بما يجعله يوما استثنائيا بذاكرته ومستقبله، مسهما في إقدار المؤمن على تثمير جدلية الغيب والشهادة، لصناعة تاريخه، الفردي والجماعي، المتميز والخلَّاق. ذاك هو الأفق المنشود من “بركة يوم الجمعة” هنا والآن.
يوم مبارك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة − 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض