أخبار دولية

حبس صحافي أميركي بتهمة “التجسس” في روسيا

قررت روسيا الخميس حبس مراسل صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بشبهة “التجسس”، في واقعة غير مسبوقة في التاريخ الحديث للبلاد تثير “قلق” واشنطن.

يأتي اعتقال الصحافي إيفان غيرشكوفيتش في سياق القمع المتزايد في روسيا ضد الصحافة منذ غزو أوكرانيا، والذي أدى إلى توتر كبير في العلاقات بين موسكو وواشنطن.

أعلنت أجهزة الأمن الروسية(FSB) الخميس أنه تم القبض على الصحافي في يكاترينبورغ في الأورال للاشتباه في قيامه “بالتجسس”، وأكد الكرملين أنه أنه تم القبض عليه متلبسا .

ونفى غيرشكوفيتش المراسل الناطق بالروسية والمعروف بمهنيته، التهم الموجهة إليه خلال جلسة استماع في محكمة بموسكو، وفق ا لوكالة الأنباء الروسية تاس.

وقالت المحكمة في بيان إن الصحافي الأميركي البالغ 31 عاما وضع في الحبس حتى  مايو. ويمكن تمديد فترة الاعتقال بانتظار محاكمة محتملة.

وبحسب وكالة انباء ايتار-تاس صنفت القضية على أنها “سرية”، مما يحد بشكل كبير من نشر المعلومات عنها.

والتفاصيل الوحيدة المتوافرة في هذه المرحلة إعلان جهاز الأمن الفدرالي أنه “أحبط نشاط ا غير قانوني” لدى اعتقال إيفان غيرشكوفيتش في يكاترينبرغ في الأورال في تاريخ لم يحدد.

وتقول أجهزة الأمن الروسية إنها تشتبه في ممارسته “التجسس لصالح الولايات المتحدة”، متهمة إياه خصوصا بجمع معلومات “عن شركة تابعة للمجمع الصناعي العسكري الروسي”.

وهذه الجريمة عقوبتها السجن عشرين سنة حسب المادة 276 من قانون العقوبات الروسي.

قبل بدء عمله في الصحيفة الأميركية اليومية في 2022، كان غيرشكوفيتش مراسلا لوكالة فرانس برس في موسكو، وقبل ذلك صحافيا في صحيفة موسكو تايمز الصادرة بالإنكليزية.

والصحافي روسي الأصل ويقيم والداه في الولايات المتحدة.

دان البيت الابيض اعتقال الصحافي واصفا ما حصل ب”غير المقبول” فيما اعرب وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن عن “قلقه العميق”.

وقال المتحد ث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إنه يعي أن على الصحافيين أن يخاطروا وهم يفعلون ذلك عن إدراك.

وتابع في تصريح للصحافيين “نحن نحترم ذلك، لكن ه لا يغي ر (ما نشعر به من) قلق بالغ بشأن وجود أميركيين” في روسيا.

وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض كارين جان بيار إن “تهمة التجسس” التي وجهتها روسيا الى غيرشكوفيتش هي أمر “سخيف”.

ودعت صحيفة “وول ستريت جورنال” على موقعها إلى الإفراج عن مراسلها و”نفت بشدة” تهم التجسس.

وقالت لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك “لقد عبرت روسيا بوضوح للمراسلين الأجانب أنهم لن يسلموا من عملية التطهير الجارية بحق وسائل الإعلام المستقلة”.

وفي ردود الفعل الدولية، عبرت فرنسا عن قلقها بعد اعتقال الصحافي داعية موسكو إلى احترام حرية الصحافة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير ليجيندر “نحن قلقون جدا وسنحت لنا فرصة إدانة الموقف القمعي لروسيا” في ما يتعلق بالصحافة الروسية والصحافة الأجنبية على حد سواء.

ودانت لندن الخميس “الازدراء الكامل” بحرية الصحافة من جانب روسيا إثر توقيف وحبس الصحافي الأميركي.

وكتب وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي على تويتر أن “قرار روسيا بتوقيف صحافي أميركي يظهر ازدراءها الكامل بحرية الصحافة”، مضيفا “نقف الى جانب الولايات المتحدة دفاعا عن هذه المبادىء الديموقراطية الأساسية”.

وكتب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على تويتر أن الاتحاد “يدين” توقيف روسيا للصحافي الأميركي ايفان غيرشكوفيتش بتهمة التجسس، منتقدا “الازدراء المنهجي” لموسكو بحرية الصحافة.

واضاف بوريل “ينبغي أن يتمكن الصحافيون من ممارسة مهنتهم بحرية، وهم يستحقون تلقي الحماية. تثبت السلطات الروسية مرة جديدة ازدراءها المنهجي بحرية وسائل الإعلام”.

وقالت المنظمة غير الحكومية “مراسلون بلا حدود” إنها “تشعر بالقلق” من “ما يبدو أنه إجراء انتقامي”. وأضافت “يجب عدم استهداف الصحافيين”.

متجاهلا الانتقادات، اكد الكرملين أن غيرشكوفيتش تم القبض عليه “متلبسا” محذرا من أي شكل من أشكال الانتقام ضد وسائل الإعلام الروسية في الولايات المتحدة.

منذ بداية النزاع في أوكرانيا، أصدرت روسيا العديد من القوانين التي تعاقب بأحكام بالسجن المشددة أي انتقاد، مع تشبيه التحقيقات الصحافية حول مواضيع حساسة معينة باعمال تجسس.

وقالت المحللة الروسية المستقلة تاتيانا ستانوفاتسا التي تدير مركز التحليل R.Politik ان “القانون الروسي الجديد (…) يسمح بسجن أي شخص مهتم بقضايا عسكرية وبالعملية العسكرية الخاصة (في أوكرانيا) والمجموعات العسكرية الخاصة وحالة الجيش لمدة 20 عام ا”.

ورأت أن الاعتقال نتيجة “قرار مدروس من قبل الكرملين” الذي يريد استخدام الصحافي “رهينة” لـ “الضغط” على الرئيس الأميركي جو بايدن لبدء مباحثات لتبادل الأسرى.

تمت العديد من عمليات تبادل الاسرى بين الروس والأميركيين في السنوات الأخيرة.

لكن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أكد أنه من السابق لأوانه في هذه المرحلة التحدث عن عملية تبادل أسرى. وقال “لن أثير هذه المسألة الآن، لأنه كما تعلمون، حصلت عمليات تبادل في الماضي لأشخاص كانوا يمضون أصلا عقوبات، بمن فيهم مواطنون أميركيون، بتهم خطيرة جدا”.

وما زال عدد من الأميركيين محتجزين في روسيا، أحدهم بول ويلان الذي يقضي عقوبة بالسجن 16 عاما بتهمة “التجسس” في قضية يعتبرها ويلان وواشنطن ملفقة.

وجرى آخر تبادل بين موسكو وواشنطن في ديسمبر عندما سلمت روسيا لاعبة كرة السلة الأميركية بريتني غراينر المسجونة بتهمة تهريب مخدرات، في مقابل الإفراج عن تاجر الأسلحة فيكتور بوت المسجون في الولايات المتحدة.

وغالبا ما تشكل وسائل الإعلام الروسية والصحافيون الروس الذين ينتقدون الكرملين هدف ا لملاحقات جزائية في روسيا، لكن ذلك لم يطل الصحافيين الأجانب إذ فضلت موسكو طرد المراسلين وتشديد قواعد اعتمادهم.

في الوقت نفسه وبالنسبة للصحافيين الأجانب، تم تشديد شروط إصدار الاعتمادات التي تستند إليها التأشيرات.

كذلك، يتم في بعض الأحيان مراقبة المراسلين الأجانب من قبل الأجهزة الأمنية أثناء تغطيتهم الصحافية وخصوصا خارج موسكو.

وفي هذا الإطار قلص عدد كبير من وسائل الإعلام الغربية وجوده في روسيا منذ دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض