
الدار البيضاء: نموذج يحتذى به لمدن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال النقل الحضري المتكامل والمتاح والمستدام
بدأ تشغيل شبكة النقل السريع بالحافلات التي تتسم بالابتكار والكفاءة وتضم أسطول حافلات حديث يعمل على مسارات مخصصة لهذا الغرض، وذلك بدعم من برنامج النقل الحضري في المغرب باستخدام أداة تمويل البرامج وفقا للنتائج الذي يموله البنك الدولي. وهذا النوع من حافلات النقل السريع هو الأول من نوعه في منطقة المغرب العربي والثاني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد مشروع عمّان.
ومما لا شك فيه أن مشروع حافلات النقل السريع سيحدث فرقاً كبيراً في الحياة اليومية للناس في جميع أنحاء المدينة. ومع تحسن التكامل مع وسائل النقل الأخرى (من حيث المحطات والجداول الزمنية والأسعار)، سيشهد الركاب من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مثل عين شوك والسالمية والرحمة انخفاضاً في زمن رحلات النقل العام إلى وسط مدينة الدار البيضاء بمقدار 30 دقيقة على الأقل إجمالاً (بما في ذلك تقليل أوقات الانتظار). وسيعمل تحسين وسائل النقل والمواصلات على تمكين الناس من الحصول على الآلاف من فرص التشغيل والفرص الاقتصادية الجديدة، فضلا عن دعم التعليم والرعاية الصحية والعديد من الخدمات الأخرى.
وبالإضافة إلى زيادة سرعة التنقل وقطع المسافات، تعد السلامة والشمول أيضاً عنصرين ضروريين للنقل. وتم تنفيذ تصميمات للشبكة تحقق أقصى قدر من السلامة للمشاة وراكبي الدراجات-الهوائية ومستخدمي وسائل النقل العام وسائقي المركبات. ويمكن لذوي الإحتياجات الخاصة الوصول إلى المحطات والمركبات من خلال تهيئة المرافق المناسبة لهم. وتساعد الإضاءة الكافية والكاميرات الأمنية وموظفو المحطات على ضمان شعور الجميع ، وخاصة النساء ، بالأمان أثناء التنقل. وسيساعد هذا، إلى جانب زيادة العرض والموثوقية والتكلفة المنخفضة، على زيادة معدل مشاركة المرأة في العمل (حاليا نحو 20%)، وهو من أدنى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن خلال توفير بدائل للسيارات الخاصة تتسم بالكفاءة، تعمل حافلات النقل السريع أيضاً على الحد بشكل كبير من الانبعاثات المناخية وتلوث الهواء المرتبط بحركة النقل والمواصلات في المناطق الحضرية.
وتعمل الحكومة، من خلال المكتب الوطني للسكك الحديدية، حاليا على استكمال هذا الجهد وتوسيع نطاق توفير خدمات النقل الحضري الجيدة في جهة الدار البيضاء الكبرى. وبالاستفادة من خط سكك حديدية قائم بطول 60 كيلومتراً، سيشمل البرنامج الذي أُعلن عنه مؤخرا التوسعات في خدمات السكك الحديدية الحضرية المنتشرة بمدينة الدار البيضاء وخدمات وقطارات السكك الحديدية في الضواحي والمناطق الحضرية الكبرى، لربط الركاب من ضواحي وبلديات زناتة والمحمدية والنواصر وبوسكورة.
وبوجه عام، يتمثل الدرس الرئيسي المستفاد من برنامج النقل الحضري في المغرب الذي يمكن أن تحاكيه مدن أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم في أن مشروعات النقل الحضري لا يمكن أن تنجح إلا إذا كانت شاملة ومتكاملة ومستدامة وتعاونية ومدعومة وتدريجية. وبمساندة البنك الدولي وتعاون قوي مع الشركاء المغاربة، لا تؤدي هذه المبادرات إلى تحسين حياة الناس فحسب، بل أيضا إلى تحسين صورة جهة الدار البيضاء الكبرى نفسها. وهذه الجهود تساعد في جعل الدار البيضاء أيقونة متميزة للحداثة، وتعرض رؤية الدار البيضاء الكبرى في المستقبل من خلال مشروعات بنية تحتية وشبكات متطورة جيدة التصميم والتنفيذ وأنظمة إدارة راقية وعلى أعلى المستويات .