
من الهروب من الحر إلى السقوط في الموت… شباب المغرب ضحايا “الصهاريج القاتلة” في غياب البدائل
مع كل صيف، يتجدد المشهد المأساوي في ربوع المغرب، حين يُستبدل لهيب الحرّ بمخاطر الغرق، ويبحث الشباب عن متنفسات غير آمنة، فيغدو الترفيه مدخلاً إلى الموت. هذه السنة، عادت “الصهاريج القاتلة” إلى واجهة الأحداث، لتكشف مجددًا حجم الخصاص في فضاءات الترفيه الآمنة، وغياب المسابح العمومية المهيكلة، وارتفاع أسعار الدخول إلى المتوفرة منها، إلى جانب محدودية الوعي بمخاطر السباحة في أماكن غير خاضعة للمراقبة.
وفي هذا السياق، علّق المهدي ليمينة، فاعل مدني، قائلاً: “الصدمة التي ضربت أسرًا مغربية خلال عطلة العيد الأخيرة تستوجب تحركًا عاجلاً واستباقيًا من السلطات المحلية، بهدف ابتكار حلول حقيقية تستجيب لتطلعات واحتياجات الشباب المغربي”.
وأوضح ليمينة أن “الطلب على المسابح يرتفع بشكل حاد مع اشتداد الحرارة، لكن غياب المرافق العمومية المؤطرة والمراقَبة يدفع بالشباب نحو بدائل خطرة، كالصهاريج المائية”، مضيفًا أن هذا السلوك لا يرتبط فقط بضعف البنية التحتية، بل يعكس أيضًا نقصًا واضحًا في التوعية.
ودعا المتحدث المجتمع المدني إلى تكثيف الجهود التحسيسية، خصوصًا في المناطق القروية وضواحي المدن، حيث يقبل الشباب على الصهاريج دون إدراك لحجم المخاطر. كما شدد على أهمية إحداث مسابح عمومية بأسعار رمزية، تتيح لهذه الفئة الاستمتاع بالصيف دون دفع ثمن الترفيه بحياتهم.
من جهته، قال محمد الديش، رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل، إن موجات الحرّ المتكررة تزرع في نفوس الشباب حاجة ملحة للسباحة، لكنها تتصادم مع واقع ارتفاع الأسعار وغياب البنيات التحتية المناسبة، ما يجعل الصهاريج وأماكن السباحة غير المحروسة خطراً حقيقياً يهدد سلامة فئة واسعة من المواطنين، خاصة الأطفال والمراهقين.
ونبّه الديش إلى أن بناء مسابح عمومية ليس فقط حلاً وقائيًا من المآسي، بل فرصة أيضًا لاكتشاف طاقات ومواهب شبابية في رياضات مائية قد ترفع راية المغرب في المحافل الإقليمية والدولية.
ولعل الحادثة الأخيرة، التي هزّت منطقة جماعة سعادة ضواحي مراكش، تكشف بوضوح فداحة الوضع؛ حيث قضى ثلاثة شبان غرقًا داخل صهريج مائي مساء السبت، في مشهد مأساوي أرخى بظلال الحزن على سكان المنطقة، وعمّق من جراح وطن يُفترض أن يُؤمن لأبنائه سبل الحياة لا الموت.