
زلزال بقوة 8.8 درجات يضرب شرق روسيا ويتسبب بتسونامي وأوامر إخلاء بدول
ضرب أحد أقوى الزلازل التي تم تسجيلها على الإطلاق منطقة الشرق الأقصى قليلة السكان في روسيا في وقت مبكر من صباح الأربعاء، ما تسبب في حدوث موجات تسونامي بلغ ارتفاعها أربعة أمتار عبر المحيط الهادئ وأدى إلى إجلاء السكان من هاواي إلى اليابان.
وجاء الزلزال بقوة 8.8 درجة على مقياس ريختر الساعة 8:24 صباحا قبالة مدينة بتروبافلوفسك كامتشاتسكي في شبه جزيرة كامتشاتكا، وكان من بين أكبر 10 هزات أرضية تم تسجيلها على الإطلاق، وفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.
وقالت السلطات الروسية إن موجة تسونامي ضربت مدينة سيفيرو كوريلسك الساحلية وأدت إلى إغراقها، في حين ذكرت وسائل إعلام محلية أن موجة ارتفاعها بين ثلاثة وأربعة أمتار سجلت في منطقة إليزوفسكي في كامتشاتكا.
ووفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية ، وقع الزلزال في الساعة 3:12 فجرًا بالتوقيت المحلي، وعلى عمق 44 كيلومترًا تحت سطح الأرض، قرب سواحل كامتشاتكا المطلة على المحيط الهادئ، وأكد مركز الزلازل الروسي أن مركز الزلزال كان في البحر.
وقال سكان محليون في كامتشاتكا إنهم شعروا بهزات قوية استمرت لأكثر من 30 ثانية، تسببت في اهتزاز المباني وانقطاع الكهرباء في بعض المناطق، دون أن تسجل انهيارات كبيرة حتى الآن.
وأصدرت وكالة الأرصاد الجوية الروسية تحذيرًا من خطر تسونامي على السواحل الشرقية، وأمرت السلطات المحلية بإخلاء بعض المناطق الساحلية كإجراء احترازي. كما أغلقت المدارس والموانئ وأعلنت حالة التأهب القصوى.
وأكد مركز التحذير من تسونامي في المحيط الهادئ (PTWC) أن هناك احتمالية لتشكل موجات تسونامي قد تصل إلى سواحل اليابان وألاسكا، دون أن يتم رصد أي موجات غير طبيعية حتى اللحظة.
من جانبها أرسلت وزارة الطوارئ الروسية، فرق إنقاذ وطائرات مروحية إلى كامتشاتكا لتقييم الوضع، وأكدت في بيان رسمي أن “الوضع تحت السيطرة، ولا توجد تقارير عن وقوع قتلى أو إصابات خطيرة حتى الآن”، كما تم نشر وحدات من الجيش للمساعدة في تأمين المناطق المتضررة.
وأعلنت حاكمة كامتشاتكا، فلاديميرا سولوفييفا، في مؤتمر صحفي، أن “فرق الطوارئ تمكّنت من استعادة الكهرباء في معظم المناطق، وأن فرق الهندسة تقوم حاليًا بتقييم سلامة المباني والجسور”.
وتُعد كامتشاتكا من أكثر المناطق نشاطًا زلزاليًا وبركانيًا في العالم، إذ تقع فوق ما يُعرف بـ”حلقة النار” في المحيط الهادئ، وهي منطقة تشهد تداخلًا بين الصفائح التكتونية، مما يجعلها عرضة لهزات أرضية وثورات بركانية بشكل متكرر.
ويعد زلزال اليوم من أقوى الزلازل التي ضربت المنطقة منذ سنوات، رغم أن كامتشاتكا معتادة على الزلازل المتوسطة والضعيفة بشكل شبه يومي.
كما أظهر مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي الروسية مباني المدينة مغمورة بمياه البحر، وقالت السلطات إنه تم إجلاء السكان البالغ عددهم نحو ألفي شخص.
وذكرت وسائل إعلام رسمية أن عدة أشخاص أصيبوا في روسيا جراء الزلزال، لكن لم تكن حالة أي منهم خطيرة.
كما أعلنت السلطات في منطقة سخالين الروسية حالة الطوارئ في جزر الكوريل الشمالية، حيث ألحقت أمواج تسونامي أضرارًا بالمباني وتسببت في فيضانات، وصرح عمدة الجزر بأن جميع السكان هناك فروا إلى بر الأمان.
وقالت هيئة رصد الزلازل الإقليمية إن زلزال الأربعاء كان الأقوى منذ عام 1952 في منطقة كامتشاتكا، مع تحذيرات من هزات ارتدادية تصل قوتها إلى 7.5 درجة، وكان مركز الزلزال هو نفسه تقريبًا مركز الزلزال القوي الذي بلغت قوته 9.0 درجة في ذلك العام، والذي أدى إلى حدوث تسونامي مدمر في جميع أنحاء المحيط الهادئ، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.
وضربت المنطقة على الأقل ست هزات ارتدادية، إحداها بقوة 6.9 درجة والأخرى بقوة 6.3 درجة.
وقالت مراكز التحذير من التسونامي في الولايات المتحدة إن من المحتمل تشكل أمواج يتجاوز ارتفاعها ثلاثة أمتار فوق مستوى المد على طول بعض سواحل الإكوادور وجزر هاواي الشمالية الغربية وروسيا.
وأضافت الهيئة أنه من المحتمل وجود أمواج يصل ارتفاعها إلى ما بين متر وثلاثة أمتار على طول بعض سواحل تشيلي وكوستاريكا وبولينيزيا الفرنسية وجوام وهاواي واليابان وجزر أخرى ومجموعات جزرية في المحيط الهادئ.
ومن المحتمل أن تشهد أماكن أخرى، بما في ذلك أستراليا وكولومبيا والمكسيك ونيوزيلندا وتونغا وتايوان، أمواجاً يصل ارتفاعها إلى متر واحد.
وأظهرت لقطات تلفزيونية عددا من الحيتان جرفتها الأمواج إلى الشاطئ، كما تم إجلاء العمال من محطة فوكوشيما النووية المنكوبة في شمال شرق اليابان، والتي دمرها زلزال ضخم وتسونامي في عام 2011، حسبما قالت الشركة المشغلة للمحطة.
وتم إرسال تنبيهات تسونامي إلى الهواتف المحمولة في كاليفورنيا، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس المحليين.
فيما قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي: “ابقوا أقوياء وابقوا آمنين!”.
وأصدرت مراكز التحذير من التسونامي في الولايات المتحدة تحذيرا من احتمال وقوع تسونامي، وهو أعلى مستوى تحذيري لها، في ولاية هاواي الأميركية بأكملها، حيث من المتوقع أن تصل الموجات الأولى إلى الساعة 7:17 مساء بالتوقيت المحلي.
وقال مركز الزلازل في تحذير: “ينصح الناس أيضًا بالابتعاد عن الشاطئ وعدم الذهاب إلى الساحل”.
وصدرت أوامر للسفن بالتوجه إلى المياه المفتوحة قبل وصول الأمواج المتوقعة التي يصل ارتفاعها إلى مترين، في حين تم إرسال الموظفين الحكوميين في هونولولو إلى منازلهم في وقت مبكر.
وأصدر مسؤولون من بلدان مطلة على المحيط الهادئ في أمريكا الشمالية والجنوبية ــ بما في ذلك الولايات المتحدة والمكسيك والإكوادور ــ تحذيرات لتجنب الشواطئ المتضررة.
ففي اليابان، تم إجلاء السكان بالسيارات أو سيرًا على الأقدام إلى مناطق مرتفعة، بما في ذلك هوكايدو، حيث رصدت موجة أولى بلغ ارتفاعها 30 سنتيمترًا، ولم تبلغ عن أي إصابات أو أضرار في اليابان حتى منتصف النهار.
وفي هاواي، قال عمدة هونولولو ريك بلانجياردي إنه يتعين على السكان والآلاف من الزوار التوجه إلى أماكن آمنة في الطوابق العليا من المباني أو على أرض مرتفعة.
وقال حاكم الولاية جوش جرين “لا ينبغي للناس، وسأقولها مرة أخرى، لا ينبغي لهم، كما رأينا في الماضي، البقاء بالقرب من الشاطئ أو المخاطرة بحياتهم فقط لرؤية شكل تسونامي، إنها ليست موجة عادية. بل إنها في الواقع ستقتلك إذا ضربتك موجة تسونامي”.
وفي ظل المخاوف العالمية من أي تسرب إشعاعي، أعلنت شركة “روس آتوم” أن الزلزال لم يؤثر على أي منشآت نووية في الشرق الروسي، وأن جميع المحطات تعمل بشكل طبيعي.
من جانبها أعربت الأمم المتحدة عن استعدادها لتقديم المساعدة في حال طلبت الحكومة الروسية، كما أبدت اليابان والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تضامنها، وسط متابعة حذرة للتطورات.