
نهاية السنة تختبر الجاهزية الأمنية بالمغرب

تكتسي فترة نهاية السنة طابعا خاصا على المستوى الأمني بالمغرب، حيث تتقاطع التحديات المرتبطة بمحاولات تهريب المخدرات مع تصاعد وتيرة الهجرة غير النظامية، في سياق زمني تراهن فيه شبكات الجريمة المنظمة على ضغط الحركة التجارية وكثافة تنقل المسافرين. هذا الوضع يفرض على الأجهزة الأمنية يقظة مضاعفة وتنسيقا عاليا بين مختلف المتدخلين.
ميناء طنجة المتوسط.. واجهة استهداف ونجاعة استباقية
يبرز ميناء طنجة المتوسط كإحدى النقاط الاستراتيجية التي تستهدفها شبكات التهريب، بالنظر إلى موقعه المحوري وحجمه اللوجستي الكبير. غير أن إحباط محاولة تهريب أزيد من ثمانية أطنان من مخدر الحشيش، مؤخرا، قبل عبور شاحنة موجهة للتصدير، يعكس نجاعة المقاربة الاستباقية التي تعتمدها المصالح الأمنية بتنسيق وثيق مع إدارة الجمارك.
وتؤكد هذه العملية أن الضغط الزمني المرتبط برأس السنة، وما يرافقه من كثافة في الرواج التجاري، لا يشكل ثغرة بقدر ما يتحول إلى اختبار حقيقي لفعالية المنظومة الأمنية.
ترابط الجريمة المنظمة بين تهريب المخدرات و”الحريك”
تكشف العمليات المتتالية لإحباط تهريب المخدرات عن ترابط عضوي بين مختلف أشكال الجريمة المنظمة، إذ غالبا ما تُستعمل المسالك نفسها لتهريب الممنوعات وتهجير البشر. هذا التداخل يضع الأجهزة الأمنية أمام تحد مزدوج، يتطلب قراءة استخباراتية دقيقة لمسارات العبور وتحليل الشبكات الإجرامية العابرة للحدود.
ويؤكد متابعون أن هذه الشبكات تراهن على “رمزية الزمن” ونظرية الانشغال الأمني خلال نهاية السنة، خاصة مع تزامنها مع تظاهرات كبرى، غير أن المقاربة المغربية القائمة على تعدد المهام المتوازية تُفشل هذا الرهان.
نهاية السنة ودينامية الأنشطة غير المشروعة
تُسجل نهاية كل سنة تجددًا ملحوظًا في دينامية الأنشطة غير المشروعة، سواء تعلق الأمر بتهريب المخدرات أو الهجرة غير النظامية. ويعزى ذلك إلى اعتقاد سائد لدى الشبكات الإجرامية بأن فترات الذروة تعرف تراجعا نسبيا في آليات المراقبة، ما يدفعها إلى تسريع عمليات العبور.
غير أن تكثيف المراقبة الأمنية في النقاط الحدودية، خاصة خلال هذه المرحلة، يعكس وعيا مؤسساتيا بخطورة الظرف الزمني، ويبرز أن المقاربة الأمنية لا ترتبط بالموسمية بقدر ما تقوم على استمرارية اليقظة.
الاستباق والتكنولوجيا في صلب العقيدة الأمنية
تعتمد المنظومة الأمنية المغربية على مقاربة استباقية شاملة، لا تكتفي برد الفعل بل تركز على التحليل المسبق للتهديدات. هذا النهج يستند إلى توظيف التكنولوجيا الحديثة والذكاء الرقمي، إلى جانب الحضور الميداني، من أجل رصد التحركات المشبوهة قبل تحولها إلى أفعال إجرامية.
وتبرز عملية طنجة المتوسط مثالا واضحا على هذا التكامل بين العمل الاستخباراتي والتدخل الميداني، في سياق إقليمي ودولي يعرف تحولات معقدة في أنماط الجريمة العابرة للحدود.
“جيوبوليتيك الجريمة” وتحدي التعاون الدولي
لم تعد الجريمة المنظمة تأخذ شكلا تقليديا، بل أصبحت جزءا من واقع جيوسياسي معقد، حيث تلاشت الحدود بين التهريب والهجرة غير النظامية وأشكال أخرى من الجريمة. هذا التحول يفرض تعزيز التعاون الدولي، خاصة عبر تبادل المعلومات والملاحقات القضائية، من أجل قطع الطريق أمام تحويل بعض المناطق إلى ملاذات آمنة للمجرمين.
ويعزز المغرب شراكاته الأمنية الدولية، مدركا أن مواجهة هذا النمط المتشابك من الجريمة لا يمكن أن يتم بمعزل عن تعاون عابر للحدود، يستند إلى الثقة وتبادل الخبرات.
يقظة مستمرة تتجاوز منطق الظرفية
تؤكد النجاحات الأمنية المسجلة خلال نهاية السنة أن المقاربة المغربية لا تقوم على ردود فعل ظرفية، بل على رؤية شمولية تدمج الاستباق، التكنولوجيا، والتنسيق المؤسساتي. وهي مقاربة تجعل من كل فترة حساسة فرصة لإعادة تأكيد الجاهزية الأمنية، وإفشال محاولات استغلال الضغط الزمني واللوجستي من طرف الشبكات الإجرامية.






















