ثقافة

صدى نساء أسفي في التاريخ -الحلقة 20

إعداد : د. منير البصكري الفيلالي

السيدة فاطمة لوزال السوسي: ولدت هذه السيدة الفاضلة بمدينة أسفي عام 1919 بحي أشبار . بعد حفظها لكتاب الله والمتون الفقهية في الكتاب القرآني القريب من مقر سكناها على يد الفقيه السيد محمد الشقوري ، بتحفيز وتشجيع من والدها الحاج عبد الرحمن السوسي الذي ما فتئ يقدم لها كل المساعدة بغية الحصول على تعليم جيد ، فكان يأخذها معه في سفرياته إلى بلاد سوس مسقط رأسه لاستكمال حفظ كتاب الله والنهل من المتون الفقهية ، في وقت كان يمنع فيه خروج الفتاة واندماجها في محيطها الاجتماعي ، فبالأحرى التحاقها بالتعليم والتدريس .    وحين استوى عودها ، وبدت عليها علامات النجابة والحذق ، تم التحاقها بمدرسة المدينة للبنات عام 1946 كمدرسة مكلفة بتحفيظ القرآن وتدريس مادة العبادات بعد أن اجتازت اختبارا أمام لجنة ترأسها آنذاك القاضي العبادي، حيث نالت الاستحقاق الكامل. فكانت أول امرأة من أسفي تلج مجال التربية والتعليم الديني لتحفيظ القرآن الكريم والعبادات بالمدرسة العمومية المغربية الخاصة بالبنات تحت إشراف الإدارة الفرنسية عام 1946 كما سلف الذكر . C:\Users\user\Desktop\ذة.فاطمة لوزال.jpg
     
كانت السيدة فاطمة رحمها الله قريبة من تلميذاتها ، تنشر بينهن الفضيلة والأخلاق الحميدة ، فسطع نجمها وملأت شهرتها الآفاق ، وكثر الإقبال عليها لدرجة أن أطلق الناس عليهالالا الطالبةتقديرا منهم لما كانت تبذل من جهود حثيثة لتعليم الفتاة الآسفية .. فنالت بذلك حب الجميع ، وبدأت الأسر تتهافت على طلبها لتعليم فتياتها ، نذكر على سبيل المثال القاضي العبادي الذي طلب من والدها أن تقوم بزيارة منزله بأشبار كل عشية خميس لإعطاء دروس إضافية في تحفيظ القرآن الكريم لابنته . في السياق ذاته ، نذكر أيضا التشجيع على المضي قدما في تعليم بنات أسفي من طرف مديرة مدرسة المدينة بنات السيدةبايوناالفرنسية ، إيمانا منها بالقدرات التي كانت تتوافر للسيدة فاطمة لوزال .

وفي سنة 1955 انتقلت للعمل بمدرسة تراب الصيني بنات بعد أن قضت حوالي تسع سنوات بمدرسة المدينة بنات . وبنفس الحماس والعمل الدؤوب ، أدت الأمانة على أكمل وجه إلى أن أحيلت على التقاعد عام  1979
    
ومن حسن عناية الله تعالى ، أن رزقت بطفلين نعيمة ومصطفى ، حيث تلقيا معا تربية قويمة ، أساسها القرآن الكريم ، فكانت معلمة لكتاب الله في المدرسة وفي البيت  وفي الشارع ، فكانت محبوبة عند الناس جميعا ، ومحترمة من طرف الباعة والتجار ، يرون فيها القدوة الحسنة والمربية الفاضلة ، كما كانت معروفة في غير قليل من أحياء مدينة أسفي كحي تراب الصيني وحي بياضة وحي جنان فسيان وحي الدينة العتيقة وحي أشبار.    وفي يوم 24 دجنبر سنة 2012 لبت السيدة فاطمة لوزال السوسي داعي ربها وهي في سن الرابعة والتسعين بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء حيث بصمت المجال التعليمي بمنجزها في تحفيظ القرآن الكريم وتدريس العبادات ، وهي مهمة شاقة وصعبة ، فكانت من النساء اللواتي حفرن أسماءهن بمداد من الفخر والاعتزاز على صفحات التاريخ الآسفي.

يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض