
معاشات مجمدة وأحلام مؤجلة.. كبار السن بالمغرب بين تهميش السياسات وصمت القوانين
في يوم يُفترض أن يكون صوتًا لكرامة المسنين وحقوقهم، اختار المنتدى المغربي للمتقاعدين أن يُطلق صرخة جديدة ضد ما وصفه بـ”الإهمال الممنهج” و”الإقصاء المؤسساتي” الذي يطال شريحة المتقاعدين وكبار السن بالمغرب.
فبمناسبة “اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة كبار السن”، الذي يُخلد سنويًا في 16 يونيو، أصدر المنتدى بيانًا ينتقد فيه بشدة تجميد المعاشات التقاعدية لعقود طويلة، رغم الارتفاع الصاروخي في تكاليف المعيشة وتصاعد التضخم، معتبرا أن هذا الوضع يُعد أحد أشكال “الإساءة الصامتة” التي تمارسها السياسات العمومية في حق من أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن.
وفي سياق متصل، نبّه المنتدى إلى غياب قانون وطني خاص يحمي كبار السن من مختلف أشكال العنف والإهمال، سواء في الإطار الأسري، المجتمعي أو المؤسساتي، رغم النداءات المتكررة من المنظمات الأممية، على رأسها مجلس حقوق الإنسان ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وأكد البيان أن مظاهر الإساءة لا تتوقف عند المعاشات المجمدة، بل تمتد إلى تهميش هذه الفئة في السياسات العمومية، مشيرا إلى أن المغرب ما يزال يفتقر إلى إستراتيجية وطنية واضحة المعالم تعنى بكبار السن، أو برامج فعالة تُعيد إدماجهم في الحياة الاجتماعية وتعزز مشاركتهم في الشأن العام. واعتبر المنتدى أن هذا الوضع يُعد خرقًا صريحًا لمقتضيات الفصل 34 من الدستور المغربي، الذي ينص على اتخاذ السلطات تدابير خاصة لفائدة الأشخاص في وضعية هشاشة.
من جهة أخرى، سجّل المنتدى غياب تمثيلية منصفة للمتقاعدين داخل صناديق التقاعد والهيئات الحكومية ذات الصلة، ما يُقصي أصواتهم من دوائر القرار ويُجهض حقهم في الدفاع عن مصالحهم.
ولم يُخف المنتدى استياءه من تعطيل الورش التشريعي المتعلق بالحقوق الاجتماعية لكبار السن، رغم الالتزامات التي تعهد بها المغرب على الساحة الدولية، خصوصًا أمام لجنة حقوق الأشخاص المسنين سنة 2014، والتي أوصت بالإسراع في وضع قانون يحمي هذه الفئة من مختلف أشكال العنف والإقصاء.
وعلى ضوء هذه الأوضاع، حمّل المنتدى الحكومة المغربية مسؤولية سياسية وأخلاقية وقانونية عن ما آلت إليه أوضاع المتقاعدين، داعيًا إلى التعجيل بإقرار قانون إطار شامل لحماية حقوق كبار السن، يعزز كرامتهم ويوفّر لهم الحماية الاجتماعية، الصحية والاقتصادية.
كما طالب المنتدى بـإصلاح شامل وعادل لنظام التقاعد، يراعي تحسين قيمة المعاشات وربطها بمؤشرات الأسعار والغلاء، بشكل يضمن عدالة اجتماعية وإنصافًا حقيقيًا لهذه الفئة.
وفي المقابل، دعا التنظيم ذاته إلى إحداث مجلس وطني لكبار السن، يتمتع بصلاحيات تقريرية واستشارية، مع تمثيلية ديمقراطية حقيقية للمتقاعدين داخله، ليكون منصة حقيقية لإيصال صوتهم إلى مراكز القرار.
وفي ختام بيانه، شدّد المنتدى على ضرورة تفعيل المغرب لالتزاماته الدولية، خاصة التوصيات الصادرة عن الاستعراض الدوري الشامل، ولجان حقوق الطفل والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من أجل تطوير التشريعات الوطنية وتعزيز الحماية الممنوحة لكبار السن في المجتمع المغربي.