ثقافة

تجليات السيرة النبوية في الشعر الملحون – الحلقة 30

د. منير البصكري الفيلالي / أسفي

 فبأي معنى إذن يسهم الشعر الملحون في تجديد التلقي الإيماني للسيرة النبوية العطرة ؟
  إنها السيرة التامة العامة الشاملة لجميع أطوار حياته صلى الله عليه وسلم من ولادته إلى وفاته . فقد كان صلى الله عليه وسلم عظيما في كل مناحي حياته .. حيث كانت مدرسته جامعة للناس على اختلاف أجناسهم وألوانهم وألسنتهم وطبقاتهم وثقافتهم .. فكانت جامعة للعلوم والمعارف ثمنها ثلة من العلماء العارفين الربانيين ، وإليهم يعود الفضل في الحفاظ على الرسالة المحمدية .
    ولا شك أن شعراء الملحون ، قد نهلوا من فيض هؤلاء العلماء ، فأسهموا بدورهم ومن خلال أشعارهم في التعريف بسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام .. وبالتالي ، فمساهمتهم تندرج في إطار تجديد التلقي الإيماني لهذه السيرة النبوية . فلا أحد اليوم يمكنه أن ينكر علينا أننا نملك مقومات إثبات الذات وفرض الوجود والتزاحم في ساحة التدافع الحضاري . فنحن أمة حية تملك إرثا حيا وعظيما تجسده السيرة العطرة لرسولنا العظيم . فنحن نقف على أرضية ثابتة ، ونستند إلى رصيد زاخر .. فلا بد إذن أن نغير ونطور ونجدد من حياتنا العامة حتى تستقيم على سواء السبيل ، وحتى تنسجم مع قيمنا ومبادئنا .. ولعل أصل ذلك كله ، سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام ، منها نستمد إيماننا ونقويه ، ونجعله مقوما لنا في حياتنا . فالإيمان حينما يتمكن من القلوب ويتمركز في الأعماق ، فإنه ينعكس على الأفعال والتصرفات .
  ومعلوم أن للمغاربة والمسلمين عموما حبا دفينا للرسول صلى الله عليه وسلم . فهو طب القلوب والأبدان ، جاء بخيري الدنيا والآخرة . كيف لا وقد أرشدنا خالق الإنسانية ومربيها ، الخبير بأمراضها وأدوائها ، الحكيم في طبها وعلاجها ، البصير بعللها وشفائها ، ما يترتب عليه صلاح أجسامنا وزكاة نفوسنا لو عملنا بمقتضى ما جاء في سيرة نبينا العظيم . لذلك ، نرى وجوب التغني كلما سنحت الفرصة لذلك بشعر النبويات وسماع قصائد الملحون ذات الصلة ، لأن من شأن ذلك أن يرسخ فينا فعلا قيم الكمال المحمدي ، إذ ما أحوجنا إلى مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم ومحاسن شمائله ، كما ما أحوجنا إلى أن نرجع إلى سيرة نبينا الكريم ، فهو القدوة الحسنة والسراج المنير . ففي سيرته صلى الله عليه وسلم من الأخلاق الكريمة والفضائل النفيسة ، ما فيه من عظة وذكرى . ولا شك أن الوجدان الجماعي للمغاربة متشبع بهذه الأخلاق وتلك الفضائل منذ أربعة عشر قرنا ، من خلال حبهم وتفانيهم في محبة خير البرية ولآل بيته الطاهرين .
      

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض