تجليات السيرة النبوية في الشعر الملحون – الحلقة الخامسة عشر
د. منير البصكري الفيلالي / أسفي
رجف فؤاد النبي ودخل على السيدة خديجة يقول لها : زملوني زملوني .. فزملوه حتى ذهب عنه الروع صلى الله عليه وسلم . وحينها طمأنته أم المومنين السيدة خديجة رضي الله عنها وقالت له : ” كلا ، والله لا يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق . ” فانطلقت به حتى أتت ورقة بن نوفل ابن عمها وكان شيخا كبيرا قد عمى ، فأخبرته بما وقع لزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبادرها بالقول:”هذا الناموس الذي نزله الله على موسى ، وإنه لنبي هذه الأمة .. يا ليثني فيها جذعا ، ليثني أكون حيا إذ يخرجك قومك..وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا” وهنا يسجل شاعر الملحون الشيخ أحمد سهوم هذه اللحظات بقوله :
هذا الأثناء صادف الطاعن في سنين ورقة من ستمـع مـن الرهبتانـــــــــي
عن نبي من العرب ياتي باحسن دين واسمه محمد ايرعــاه الوحدانــــــــي
جنب الكعبة الكــاه بالهرم وهيـــــــ وجــلس جنبـه وحدتـه بالتبيـانـــــــي
على ما شاف بالبصيــرة والعينيـــن وكل ما اصغــى بقلب وأدانــــــــــي
وصغى قوله الكهل وتكلم في الحين ونطق بحديث شــاع بيـن العربانـــي
قسم له قــال يا الصادق الأميـــــــن انت نبــي ديــن ناسـخ الاديانــــــــي
وداك الملك كان ينزل كل حيـــــــن عن عيسى كيف قال كم من دهقاني
اتبت عن دينك الزكي عنداك تلــين وصبـــر تنــال كــل الأمـانـــــــــي
قومان يكدبوك وانت على ليقيـــــن كابــد حتـى يجـيك نصــر الديانــــي
واخرين يجاحدوك يا محمد حيــــن يستفحل امر دينك في كل مكانــــــي
ونظن يخرجوك من أرضك ثاني
لازم تقاتل يوم يقاتلوك طغيـــــــان ولازم ينصرك من اصطفاك سير هاني
ولو يطول ربي عمري لداك لزمان لازم انصروه نصر دراه في كنانــــــي ..
في هذه البيئة التي انتشر فيها ظلام الوثنية ، بعث الله سيدنا محمدا برسالة إلى هذا العالم يعلمه الحقيقة الخالدة ، وهي أنه ليس هناك إلا إله واحد ، يدبر ويراقب ويجازي الطيبين والأشرار بعد الموت كل بمقدار عمله ، دعاهم إلى نبذ عبادة الأصنام والتسليم لإرادة الله .
