ثقافة

تجليات السيرة النبوية في الشعر الملحون – الحلقة 24

د. منير البصكري الفيلالي / أسفي

الملاحظ أن كفار مكة لم يهدأ لهم بال بعد هجرة الرسول الكريم إلى المدينة، فزادت استفزازاتهم ضد المسلمين .. فكان لابد من قتالهم خاصة بعد نزول الوحي في هذا الشأن. قال تعالى: ” أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ، وإن الله على نصرهم لقدير. “وآيات الأمر بالقتال تدل بفحواها على قرب العراك الدامي، وأن النصر والغلبة فيه للمسلمين نهائيا. وفي الآن نفسه، أمر الله تعالى بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام.
بعد هذه الأوامر والإشارات، زاد نشاط المسلمين واشتدت نزعاتهم إلى الجهاد في سبيل الله ولقاء العدو في معركة فاصلة.. لذلك، كانت غزوة “بدر الكبرى” أول معركة من معارك الإسلام الفاصلة .. وهي معركة وقعت في رمضان من السنة الثانية للهجرة، وسبب وقوعها يعود إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ندب نفرا من المسلمين لاعتراض قافلة قريش وهي قادمة من الشام. فلما علم بذلك أبو سفيان بن حرب رئيس القافلة، بعث إلى قريش من يخبرها باعتراض المسلمين لتجارتهم ويستنفرهم لاستنقاذها .. لقد كان لهذه الغزوة اثر كبير في تاريخ الإسلام، وكانت أول اصطدام جدي بين المسلمين وقريش، انتصر فيه المسلمون على الكفار، وتجلى فيه للمشركين مبلغ تمسك المسلمين بعقيدتهم وتفانيهم في نصرة دينهم. بعد ذلك ستتوالى غزوات الرسول كغزوة “أحد” التي يعود سبب وقوعها إلى قريش حين أرادت أن تثأر لما أصابها يوم بدر، تلتها غزوة ” الاحزاب” وغزوة “بني قريظة” و”بني المصطلق” إلى غيرها من الغزوات .. وقد أرخ شاعر الملحون لغير قليل من هذه الغزوات على حد ما نجد عند الشيخ ادريس بن علي السناني في قوله :

       طابت طيبة بنور الهدى ولعنده هاجره اركاب      وحرك وغزى أهل العتاب
                  اسأل بدر ايخبرك كيف اوقع يوم المحاربة
                  يوم التقاوا طالب ومطلوب وعزموا على الحراب   وقبض قبضة من التراب
                  وارمى بها وقال شاهدت الوجوه وترها اقبى
                  لم تبقى عين من اعيون الكفار والقوم الكهاب       ألا قد ما اسهى وصــاب
                وأمر الابطال بالإيغارة سارت الاسياد غالبة
                وافدى ثاره وعاد لقراره بعدا يسر الرقــاب          واقتل من حاربه وســـاب
                صبحت طيبة زاهرة واديار أهل الشرك نادبة
وفي قصيدة أخرى يقول :
نصره الله وانصــــر بلـــده                واقهر به كل امعــــــاند
                اللي كذبوه وجـحــــــــــدوا                يادن لهم في كل امشاهد
      أما حال بهم بعـــــــــد الهجــــــرة                  طاحوا اقنوتهم في بدر وسواه
      صح الصحيح واخدم سيف النصرة                ولا ابقات صولة للي عـــــاداه
      واصبح دين ربي بعد الفـــــــــــترة                 نصره وطهره وبينــــــه ووراه
وفي الاتجاه ذاته، يتحدث شيخ التجديد في الشعر الملحون الحاج محمد بن علي المسفيوي عن غزوات النبي صلى الله عليه وسلم التي تعد صفحات مشرقة بالانتصارات وتحقيق الأمجاد، كونها ترتكز على قوة الإيمان وصلابة المقاتل وحنكة القائد سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم. يقول شاعرنا :
من ادخل الدين سلم ونجــا         وشفا ضره من العـلاج
            واصحاب الشرك يوم الهجا        اسقاهم كاس من احداج
          ما صابوا في الاطراد ملجــا        تاهوا من شدة الهـــراج
          ما فيهــم حـــد نــاجــــــــي         قوم الغتـــبة والهجــــــو
          في بدر اضيا اسراجـــــــي         اغزاهـــم يـــوم خرجـوا
  تم ادعى سيدنا على جيش الكفــار         نزلوا الملاك عنهم بغير اشعـــــــــور
اغزاوا اكبارهم وتيتمت اصغـــــــار         وارجع جيش الاسلام بعلامه منصور
اكبير القوم مات ونكب فـــي القليب        ومعاه اصناضد العرب من غير احساب
انخدلوا بالجميع رغم على التخريب        سيف الاســلام صادهم ابلا انخراب
افتح مكة وعاد لمدينـــة يتــــــريب         وقصدت وفود ليه من ساير العراب
          في غزوة أحد بان غلبــــه        مول المعراج والقضيب
          كمل رب الاشيات رغبـــــه        وحماه المالك الرقيــــب
          اعليه أهل النفاق كدـــــبوا        لكن الماجد الحبيـــــــب
          معجزاتـــــه اعـجــايــــــب        ما نحصيها في وهبـــي
        ما يوصفهــــاش كــاـتــــب         لو كان ايكون أدبــــــي…
         

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض