أخبار دولية

تزايد تفشي كوفيد-19.. هل يتعثر الاقتصاد الصيني؟

تواصل السلطات الصينية، بلا هوادة، تنفيذ تدابير صارمة لمواجهة الارتفاع في حالات الإصابة بكوفيد-19 في البلاد، على الرغم من التكلفة الاقتصادية الباهظة ليس فقط لهذا العملاق الآسيوي لكن أيضا بالنسبة للاقتصاد العالمي ككل.

وعلى أعلى مستوى في الدولة، فإن الرسالة تبدو واضحة. لا مجال للتسامح مع أي استرخاء في تدابير مكافحة الفيروس، إذ تظل السياسة التي يطلق عليها “صفر تسامح” في مواجهة كوفيد-19، ليس فقط حلا ملائما، وإنما خيارا فريدا للخروج من الدوامة الجديدة للعدوى.

وفي بكين، العاصمة، كما هو الحال في شنغهاي، المركز الاقتصادي للبلاد، تسود المقاربة نفسها. إذ يتم فرض وتنفيذ تدابير مشددة بطريقة صارمة.

فمن القيام بعمليات فحص واسعة النطاق، إلى فرض شهادة “بي سي ار” سلبية كل 48 ساعة على كافة السكان، مرورا بإغلاق الأماكن العامة (مطاعم، مسارح، دور السينما، ومتنزهات..)، إلى تعليق خدمات وسائل النقل المشترك و الحجر الصحي الإلزامي، ينخرط سكان كلتا المدينتين إلى جانب السلطات في جهود التعبئة للحد من العدوى التي تهدد بوقف عجلة اقتصاد البلاد.

وفي الخطاب الرسمي، يقدم انشغال وحيد وراء كل هذه التدابير والذي يتمثل في حماية الصحة العامة مع الحفاظ على زخم التنمية الاقتصادية للبلاد.

ومن المؤكد أن مثل هذه التدابير الصارمة لا يمكن أن تكون بدون تأثير على الاقتصاد عل مستوى النمو والشغل. ولهذا السبب شمر قادة البلاد عن سواعدهم الأسبوع الماضي للكشف عن مجموعة واسعة من الإجراءات الهادفة إلى تجنب تباطؤ الاقتصاد.

وقد تم اتخاذ تدابير عديدة لحماية الاقتصاد من الاضطرابات، إذ أعلن البنك المركزي الصيني، يوم الاثنين، أنه سيستخدم كافة أدوات سياسته النقدية الهيكلية من أجل دعم الاقتصاد.

ويتطلب هذا الأمر، بحسب المحللين، استخدام بشكل أفضل لتدابير إعادة جدولة القروض لدعم القطاعات الرئيسية مثل الفلاحة، والمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة.

وفي ظرفية وبائية تتسم بعدم اليقين، سيتم إعفاء العديد من المقاولات من دفع تأمين-الشغل للحكومة، شريطة تجنب التسريح الجماعي للعمال. كما سيتم تخفيض تكاليف الكهرباء والإنترنت بالنسبة للمقاولات، فيما سيحصل الشباب خريجي الجامعات على مساعدات وتكوين لإحداث مقاولاتهم الخاصة، حيث لا يتوفر سوى عدد قليل من مناصب الشغل في سوق ترزح تحت الضغط.

وقال رئيس الوزراء الصيني، لي كه تشيانغ، “يتعين علينا الآن إيلاء أهمية كبرى لضمان استقرار الشغل”. ولفت إلى أن الموجة الجديدة لجائحة كوفيد-19 ضربت بشدة قطاع التشغيل.

ويأتي تحذير رئيس الوزراء إثر نشر أرقام رسمية تظهر أن البطالة ارتفعت إلى 5,8 بالمئة خلال شهر مارس الماضي. ويتعلق الأمر بأعلى معدل بطالة في البلاد منذ ماي 2020.

وتهدف الحكومة الصينية إلى إحداث أزيد من 11 مليون منصب شغل في 2022، مع الحفاظ على معدل البطالة عند عتبة أقل من 5,5 في المئة، وكل ذلك ضمن توقعات نمو بنسبة 5,5 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لتقرير عمل الحكومة المقدم مؤخرا إلى أعلى هيئة تشريعية في البلاد.

من جانب آخر، عقد الرئيس شي جينبينغ، الأسبوع الماضي، اجتماعا لكبار مسؤولي الحزب الشيوعي لتحديد سبل تسريع الاستثمارات، وخاصة في قطاع البنيات التحتية.

ويرى محللون أن هذه الاستثمارات تمثل دعامات للجهود المبذولة في الصين لمكافحة التباطؤ الاقتصادي، غير أنها في بعض الأحيان تتأثر ببطء التنفيذ، حتى أن بعضها أدى إلى ارتفاع مديونية بعض الحكومات المحلية.

وفي اجتماعاتهم، حذر كبار قادة البلاد من أي محاولة للتشكيك في مقاربة “صفر تسامح” إزاء الوباء، مشيرين إلى أن الفيروس لا يزال ينتشر في العالم وأن عدوى انتقاله لا تزال أيضا تمثل تحديا كبيرا.

وفي العاصمة، طلبت السلطات يوم الاثنين من كافة المقيمين في تشاويانغ، الحي المركزي الذي يضم مقرات معظم السفارات والعديد من الشركات متعددة الجنسيات، الانتقال إلى صيغة العمل عن بعد. وهي علامة تعكس المخاوف التي تسود المدينة حيال استمرار تفشي الوباء.

وتعتبر تشاويانغ المنطقة التي تم فيها اكتشاف غالبية الإصابات في بكين.

ويرى المحللون أن التأثير الاقتصادي للتدابير الصارمة التي تم تنفيذها في الصين سيتجاوز السور العظيم للبلاد وسيطال أبعد مناطق العالم. وهو ما تعمل السلطات الصينية على تجنبه، متحدية حالة عدم اليقين التي تسود الآفاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض