
عبد الله العروي: من عمق الحداثة إلى النص القرآني
ذكرني مقال أخير قرأته للكاتب المغربي الأستاذ كمال عبد اللطيف، بعنوان “عبد الله العروي أو في مديح النسيان” على موقع “العربي الجديد”، بما كنت قد أشرت إليه في كتاب “الأنوار لا تتزاحم..” عن تعامل بعض الباحثين مع كتاب أستاذنا العروي “السنة والإصلاح”؛ بحيث ظل يحاصرني انطباع مفاده أن كثيرا من الدراسات التي تناولت كتاب “السنة والإصلاح”، تصر على أن تقرأ عبد الله العروي ضمن “سياج” رؤية جامدة لا تتحرك، وهو ما يحجبها عن أن ترى زمرة “إشراقات” استثنائية تفتح أفقا جديدا في قراءة هذا الكتاب، وخصوصا في علاقته بالقرآن الكريم. ثمة بذور ل”عروي” آخر في هذا الكتاب، يخرج من رحم عروي “الايديولوجية العربية المعاصرة” و”التاريخانية” و”جنيالوجية” مفاهيم “الإيديولوجيا”(الأدلوجة) و”الحرية” و”التاريخ” و”العقل”…عروي ينظر من عمق الحداثة إلى النص القرآني؛ وذلك بما يفجر فيه ما ظل منسيا ومحجوبا، بفكر وفي فكر العروي نفسه، في المراحل السابقة، مما انتبهت إليه حلقات رمضانية للأستاذ عبد النبي الحري على صفحات جريدة “أخبار اليوم” (رمضان 1442ه). ويغريني الموقف الغالب “المرتاب” من “الإشراقات الإيمانية” لأستاذنا العروي في كتابه “السنة والإصلاح”، بمقارنته بموقف آخر لعدد من الباحثين الهايدجيريين من كلمة/ إشراقة لمارتن هايدجر في آخر مقابلة حوارية له مع مجلة “دير شبيل” الألمانية، لما صرح : “لن ينقذنا إلا إله”، أو “وحده إله يمكن أن ينقذنا”. كلا الموقفين يرفضان أن يصغيا لتلك “الإشراقات” خارج مألوف مسَلّمات القراءات النمطية المألوفة لكل من العروي وهايدجر….قراءات تصر على إبعادهما عن التعالي؛ ولنقل، بلغة إشارية، أنها تصر على إنكار ما صار إليه كلامهما على ساحل العمر مِن “تبلل بماء الغيب”.