
انطلاق الدورة الـ 11 لمهرجان “سماع مراكش للقاءات والموسيقى الصوفية”
انطلقت، مساء أمس، الأربعاء، بالمدينة الحمراء، فعاليات الدورة الـ11 لمهرجان “سماع مراكش للقاءات والموسيقى الصوفية”، وذلك بمبادرة من جمعية (منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته).
ويطمح هذا المهرجان، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى غاية 23 أكتوبر الجاري، إلى “الحفاظ على السماع الصوفي، الذي هو تراث فني عالمي، ثقافي وروحي، وذلك من خلال هذه اللقاءات، والمذاكرات والإنشاد”.
كما تروم هذه التظاهرة الثقافية، المنظمة بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والاسكان وسياسة المدينة، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وولاية مراكش – آسفي ، ومجلس جهة مراكش – آسفي، والمجلس الجماعي لمراكش، إلى التعريف بمكونات الهوية والتقاليد الثقافية والروحية للمغرب، وكبار شيوخ الصوفية للمملكة عبر التاريخ.
وقال مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، عبد الجليل بوزوكار، في كلمة بالمناسبة، إن “الحفاظ على التراث المادي واللامادي للمدن العتيقة يتطلب توعية الشباب وتحسيسهم بأهمية هذا التراث”، مؤكدا أن وزارة الثقافة والشباب والتواصل “تبذل جهودا حثيثة تصب في صالح الحفاظ على التراث الذي تزخر به العديد من مدن المملكة”.
وأضاف السيد بوزوكار ، في هذه الكلمة التي ألقاها باسم الوزارة، أن “الوسيلة الوحيدة لحماية التراث وتسليمه للأجيال القادمة، تكمن في تضافر جهود جميع الفاعلين في المجال الثقافي”، مؤكدا أن الوزارة، ووعيا منها بأهمية التكوين، فتحت المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث والمدرسة الوطنية للفنون الجميلة بتطوان، من أجل تعزيز الحفاظ على التراث.
من جهته، قال الكاتب العام لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والاسكان وسياسة المدينة، عبد اللطيف النحلي، إن “هذا المهرجان يشكل فرصة، ولحظة تفكير لترسيخ وتثمين الخبرات والتجارب الرائدة، كل ذلك في نطاق الجهود المبذولة لمواكبة الإصلاحات الكبرى، وتنزيل التوجيهات الملكية السامية، التي تضع التراث المعماري والروحي للمدن العتيقة في صلب اهتمامات السياسات العمومية”.
وأكد السيد النحلي، في كلمة ألقاها باسم الوزارة، ضرورة العمل على نشر الوعي بأهمية التراث العمراني المستدام، وإدماج التراث المعماري والمدن التاريخية والعتيفة والموسيقى والسماع الصوفي.
وقال رئيس جمعية (منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته)، جعفر الكنسوسي، من جانبه، إن “الجمعية تقيم موسمية جديدة تدور أعمالها حول قيم مستمدة من العمل الروحي المغربي وأفقه الكوني”، مبرزا أن السماع الصوفي يعد تراثا فنيا عالميا وثقافيا وروحيا.
وأضاف أن من بين أهداف مهرجان “سماع مراكش للقاءات والموسيقى الصوفية”، الذي يتيح فرصة مواتية للتأمل ويبرز للجمهور معاني التفكر، هناك “التعريف بقيم الهوية والتقاليد الثقافية والروحية بالمغرب وتفهيمها، ومن ثم الاستجابة للحاجة الروحية للجمهور والكشف عن الحكمة وعن تعاليم كبار شيوخ الصوفية عبر التاريخ”.
وقال نائب المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، عبد الإله بنعرفة، في كلمة بالمناسبة، إن “الأزمة الوبائية أظهرت للعالم الوظائف المهمة التي قامت بها الثقافة والتراث رغم الإغلاق الكلي أو شبه الكلي للمؤسسات الثقافية والمتاحف والمواقع التراثية”، مذكرا بأن النشاط الثقافي الرقمي ازداد بشكل ملحوظ بحيث قام المبدعون بملء الخصاص الذي عرفه هذا المجال الحيوي.
وأضاف أن “المملكة المغربية، وبتوجيهات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وجهت العناية إلى عدد من المدن المغربية العتيقة، التي تزخر بتراث ثقافي عريق ، يساهم في الرفع من مؤشرات التنمية المستدامة”، موضحا أن هذه المؤشرات ترفع من تصنيف المدن وصورتها على المستوى العالمي، كما هو الشأن في مدن مثل مراكش وفاس والرباط وسلا وتطوان وغيرها.
بدوره، قال رئيس المجلس الوطني لهيئة المهندسين المعماريين، شكيب بنعبد الله، إنه خلال السنوات القليلة الماضية بدأ الوعي يزداد بأهمية ما يمثله التراث في تاريخ المملكة، وفي حاضرها ومستقبلها.
وأكد أن “هذا الوعي جاء بفضل إرادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، عندما أطلق جلالته برنامج تثمين المدن العتيقة”، مبرزا أن المهندسين المعماريين منخرطون بشكل فعال في إنجاح هذه المشاريع الهادفة للحفاظ على التراث وصيانته.
وتجدر الإشارة أن برنامج هذه الدورة، التي حضر حفل انطلاقها، على الخصوص، والي جهة مراكش – آسفي، عامل عمالة مراكش، كريم قسي لحلو، يتضمن ندوة دولية تحت شعار “حاضر ومستقبل المدن العتيقة .. معرفة التراث المعماري والعمراني وذاكرته في المغرب الكبير والشرق العربي”، والتي ستمكن من التبادل والنقاش بين مختلف التخصصات، التي تتقاسم الاهتمامات العلمية ذاتها بالنسبة للمدن العتيقة بالمغرب العربي والشرق الأوسط.
كما يتضمن البرنامج، أمسيات للسماع، تحييها مجموعات سماعية وطربية أندلسية وطنية، ومجالس طرب الآلة وعروض في فنون الرواية والحكي، يحييها رواد الحلقة بساحة جامع الفناء وتلامذة مدرسة مراكش للحكي.
وتكرم هذه الدورة الفنان منشد الملحون، عبد الحق بوعيون، والمهندس المعماري الشهير، شارل بوكارا، الذي ترعرع بمدينة الدار البيضاء ودرس بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة بباريس، قبل أن يستقر به المقام في مراكش سنة 1970.
وتقام بسائط موسمية سماع مراكش ببهو قصر بلدية مراكش، ومدرسة بن يوسف، وقصر الباهية، وباحة الكتبية، وقبة المنارة، وخزانة ابن يوسف، ومركب محمد السادس (فضاء المحاضرات التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- باب إغلي)، ورياض الجبل الأخضر، ومتحف فريد بلكاهية، ودار الشريفة.