ثقافة

الكوارثُ الطبيعية من منظورٍ ديني رَحمُوتِي‎‎

الدكتور محمد التهامي الحراق

عقب الزلزال المدمر الذي ضرب أمس تركيا وسوريا وعددا من المناطق المجاورة لهما، وخلف آثارا وخيمة في البنايات والأرواح، رحم الله الضحايا الشهداء وشافى الجرحى والمصابين منهم؛ عقب ذلك ارتفعت بعض الأصوات الدينية، مثل كلّ مرة، تتهم الناس في عقائدهم وأخلاقهم، معتبرة هذا الزلزال المدمر “عقابا إلهيا” على ما يقترفه الناس من زلات وآثام ومعاص. ومن أجل بيان تهافت مثل هذا التفسير الذي يناقض روح العقل والدين، أعيدها هنا نشر مقال في الموضوع ورد في كتابي “مباسطات في الفكر والذكر” (دار أبي رقراق، الرباط، 2019):

“الكوارثُ الطبيعية من منظورٍ ديني رَحمُوتِي”

أُثيرَ أخيراً جدلٌ و لغطٌ، على مواقع التواصل الاجتماعي أساسا، حُيال مسألة لم يأت القائلون بها ببدع من القول بقدر ما كرروا وقرروا بعض ما هو سائر و متداول في بعض مأثور وموروث التفسير “الديني” التقليدي؛ يتعلق الأمر بمسألة اعتبار الظواهر والكوارث الطبيعية عقابا إلهيا على ما يقترفه العبادُ و يرتكبونه من ذنوب ومعاص وآثام. و قد ورد هذا التفسير على ألسنة بعض من الدعاةِ والمسؤولين السياسيين، و هو ليس سوى صدى لما هو سار وسائر في “معتقدات” أغلبِ الناس وأحاديثهم وكأنه “من المعلوم من الدين بالضرورة”، كما ذهب إلى ذلك بعضهم.
منذ البداية، يبدو جليا أننا نختار منظورا في الاقتراب مغايرا لذاك الذي تصدر عنه التفسيرات المذكورة للظواهر الطبيعية؛ حيث نعتبر أن هذه التفسيرات تجد سندها البعيد في أنماط التفسير الذي كان يقوم على الربط الآلي و الميكانيكي بين الظواهر الطبيعية من زلازل ومجاعات وطوفان وفيضان وقحط … إلخ، وبين تصرفات تحكمية أو انتقامية لعوالم خفية وقوى غير مرئية. وهو تفسيرٌ كان يقبله ويستسيغه النظامُ المعرفيّ ما قبل الحديث؛ بل إنّه يجد أصوله الميتولوجية قبلَ الإسلام، حين كان العقل البشري يعجز عن تفسير الظواهر الطبيعية تفسيرا تعليليا علميا، وإزاء ضعفه أمام قوى الطبيعة و عنف ظواهرها كان يلجأ للتعليل الأسطوري، وهذا ما يظهر مثلا في القرابين التي كانت تهدى للآلهة دفعا لكارثة طبيعية أو استجلابا لخصب الطبيعة و نمائها.
وعندما جاء الإسلام، بمعناه الإبراهيمي الشامل لسائر الرسالات السماوية التوحيدية، عمل على دحض “أساطير الأولين”، وفصل الطبيعة عن القراءة الأسطورية والوثنية و السحرية ليصلها بغيبٍ توحيدي مداره حول إله خالق واحد كامل مطلق. و قد قام هذا الفصل من خلال مرحلتين: أولاهما الإتيان بمعجزات حسية تخرق قوانين الطبيعة لإثبات نبوة الأنبياء، كما هو شأن رفع قانون الحرق المميز للنار حتى لا تحرق إبراهيم عليه السلام: “قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ” (الأنبياء، الآية 69)؛ أو شأن يونس عليه السلام الذي لبث في بطن الحوت في أمان، حتى نجاه الله منه: “وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ، فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ، فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ” (الصافات، الآية 139)؛ أو شأن النبي سليمان الذي ورث ملك داوود وعلمه الله منطق الطير، وسخر له الريح تجري بأمره: “وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شيْءٍ عَالِمِينَ” (الأنبياء، الآية81)؛ و كذلك هو شأن آيات موسى عليه السلام التسع: “وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ” (الإسراء، الآية 101)، و من أبرزها تحول العصا إلى حية تسعى، فضلا عن آيات أخر مثل ضرب موسى البحر بعصاه وانفلاقه، وضربه الحجر لتنفلق عنه اثنتا عشرة عيناً،… إلخ؛ إلى معجزاتِ عيسى عليه السلام من ولادة بغير أب و تكليم الناس في المهد وإحياء الموتى و إبراء الأكمه والأبرص… إلخ.
إنها نماذج لآيات و معجزات حسية كانت تبغي، في مرحلة أولى، تحويل الربط المذكور بين الطبيعة و ما ورائها من التعلق التأليهي للطبيعة ذاتها (قصة إبراهيم عليه السلام مع الأجرام الآفلة)، أو الربط بينها وبين تعدد الآلهة، أو بين التأثير فيها وبين السحر، إلى وصل تلك الطبيعة وظواهرها بالإله الواحد الأحد. و هو انتقال من ربط الطبيعة بالما وراء الأسطوري أو الوثني أو السحري إلى ربطها بالغيب التوحيدي.
* * *
المرحلة الثانية في الربط بين الطبيعة والغيب التوحيدي تتجسد في التحول من معجزاتٍ حسية تقوم على خرق قوانين الطبيعة و نواميسها إلى تحقيق هذا الربط عبر الدعوة إلى اكتشاف هذه النواميس والسنن و تسخيرها للإنسان. و هو ما تمثل في التحول من تأييد الأنبياء بالمعجزات الحسية إلى ختم النبوة بمعجزة الكلمة، ومن إذهال العقل وإفحامه من خلال خرق نواميس الطبيعة على يد الأنبياء، إلى جعل هذا العقل أكبر معجزة من خلال دعوة الإنسان إلى “التدبر” و”التفكر” و”التعقل”، وتمكينه من قدرة استبطان الألوهية من خلال إعمال “عقله”، ومن خلال استنباط تلك السنن الإلهية الناظمة للكون وتسخيرها في تكريم ابن آدم، بما هو أثر النفخة الإلهية و حامل لأمانة خلافة الله في الأرض. من هنا كان هذا الانتقال واحداً من المعاني العميقة لمفهوم “ختم النبوة”، هذا الخَتمُ الذي يُـــشيرُ، حسبَ الفيلســـوفِ الإسلاميّ محمد إقبال، إلى رُشدِ العقلِ وأهليتِهِ لبلــوغِ أسرارِ تدبير عالمِ الشهادةِ، وهيَ الأسرارُ التي ما فتِئَ الرُّسُلُ يُؤهِّلونَ البشريةَ لزمامِ تدبيرِها؛ الأمر الذي جعل عين كمال النبوةِ في إعلان ختمها، يقول إقبال في كتابه: “إن النبوة في الإسلام لتبلغ كمالها الأخير في إدراك الحاجة إلى إلغاء النبوة نفسها. وهو أمر ينطوي على إدراكها العميق لاستحالةِ بقاءِ الوجود مُعتمِداً إلى الأبدِ على مقود يُقاد منه، وأن الإنسان لكي يحصل على كمال معرفته بنفسه ينبغي أن يُتْرَك ليعتمدَ على وسائله هو” (“تجديد التفكير الديني في الإسلام”، ترجمة عباس محمود، راجع مقدمته والفصل الأول منه عبد العزيز المراغي، وراجع بقية الكتاب مهدي علام، دار الهداية للطباعة والنشر والتوزيع،2000،ص:149).
و لعل هذا التحول العميق من تعاقب الأنبياء و الرسل بالمعجزات الحسيةِ المحدودة بزمنها، إلى ختم النبوة بما هو إعلان رشد “عقلٍ” سيظل دائم الحوار مع القرآن الكريم من حيث هو “معجزة” مفتوحة “لا تنقضي عجائبها”؛ هذا التحول كان من علاماته العبور من تعجيل العذاب إلى تأجيله؛ ذلك أن الإتيان بالمعجزات الحسية كان مشروطا بشرط أساس هو أن تكذيبها بعد التيقن بالحجة العينية والحسية الدامغة يوجب العذاب في الدنيا، فيما ارتبطت معجزة الكلمة الوحيانية المفتوحة في الزمان أمام التدبر اللانهائي والتعقل المتجدد، بالرحموتية، أي بالتعامل بوسع الرحمة الشاملة مع العقول، وتمكينها من حريةِ العودة التأملية و التساؤلية إلى الوحي المسطور (القرآن الكريم) و الوحي المنظور ( الكون) والوحي المستور (الإنسان)؛ و ذلك بتأجيل الحساب و العقاب إلى يوم القيامة. و هذا الأفق العقلاني والرحموتي في آن، هو الذي مثلته سيرة المصطفى صلى الله عليه و سلم، المبعوث رحمة للعالمين.
* * *
لذا، وجدتني في ذهول، و أنا أتابع ردود فعل بعض المتدينين على الأعاصير التي ضربت أخيراً مناطق في الولايات المتحدة الأمريكية، وجدتني متسائلا: كيف تسول للبعض نفسه الشماتة في ضحايا ظاهرة طبيعية و التشفي في المنكوبين باسم الدين؟؟؟؟ أليس من اللازم تصحيح هذا الفهم المخالف لروح الدين، والسائد بين جمهور عريض، و القائم على الربط الميكانيكي بين الظواهر الطبيعية من أعاصير وزلازل و بين الكفر والمعاصي والذنوب؟؟؟…أو على الأقل أليس من اللازم الاستعداد لمناقشة ما يثيره هذا الربط من إشكالات تتعلق بالعلاقة بين الدين وفهمه أو بين العلم والدين أو بين العقل والدين؟؟؟…وخصوصا حين تزداد المعضلة تفاقما بأن يصل البعض بهذا الربط إلى درجة التقديس فيجعله “من المعلوم من الدين بالضرورة” كما أشرنا آنفاً، بحيث يطعن في عقيدة المختلِف مع هذا الربط…!!!! ألا يشعر هؤلاء بفظاعة ما يرتكبون من رسم صورة غير عادلة عن إله من أسمائه تعالى العَدْل؟؟؟!!!…إذ كيف يعذب الله بهذه الكوارث الطبيعية غير المسلمين أو مسلمين “مذنبين”، و يُبقي آخرين آمنين على ما هم عليه أيضا من “ظلم” أو من “شرك صريح”… ؟؟!!!! ثم أليس بين “المعاقَبين” بهذه الكوارث الطبيعية أطفال رضع وعجزة و مرضى وصلحاء. ….فكيف تزر وازرة وزر أخرى؟؟!!؟؟؟ ثم ما شأن البهائم التي أشار صلى الله عليه وسلم أننا نُسْقى بسببها….؟؟؟ هل هي بدورها “أذنبت”؟! وما شأن المناطق الخالية التي تزلزل وتغرق.. ؟؟ و ما شأن المناطق النشطة جيولوجيا والمتعرضة مناخيا لمواسم الأعاصير… ؟؟ وهل استشعار الزلازل والأعاصير وبناء المعمار المقاوم لها تحايل على “عذاب” الله سبحانه؟؟؟؟
لم يطرح أهل هذا الفهم مثل هذه الأسئلة، مثلما لم يستوعبوا أن الربط الوارد في آيات الذكر الحكيم بين خسف الأرض و الطوفان والرياح العاتية وغيرها وبين تكذيب الرسل، يجب أن يفهم في سياق المرحلة الأولى من ربط الظواهر الطبيعية بالغيب التوحيدي عن طريق خرق قوانين الطبيعة بالمعجزات الحسية، فيما البعثة المحمدية المؤيدة بمعجزة الكلمة الخالدة تمثل مرحلة ثانية تقوم على إفساح الزمان للعقل وحرية إعماله في محاورة الوحي واستنباط سنن الطبيعة، مما جعلها مرحلة رحموتيةً تتأسس على تأجيل عذاب المكذبين إلى يوم القيامة. كما لم يستوعب أهل الربط المكانيكي المذكور أن قصص الأمم السابقة في القرآن الكريم ممن أصابهم العذاب بسبب تكذيبهم الأنبياء، يجبُ أن يفهمَ في سياقات مقاصد القصص القرآني وبنيات أساليبها وحيثيات أبعادها. و من أهم هذه الأبعاد؛ أولا تعريفُ المخاطَبين بمصائر الأقوام السابقين المكذبين برسالات الأنبياء رغم ما رأوه من معجزات حسية، و ثانيا إبرازُ عقلانيةِ الدين الخاتم بفتح باب الحوار اللامحدود بين العقل والوحي عقب الاستعاضة عن المعجزات الحسية بمعجزة الكلمة؛ وثالثا، تظهير رحموتية هذا الدين بتأجيل العذاب بعد كان معجَّلا للمكذبين من الأمم السابقة. وهي أبعاد يمكن إدراكها من القصص القرآني بقراءتها في ضوء منظومة الدين الشاملة ووفق أصولها الغيبية والعقدية والأخلاقية؛ وكذا بقراءتها في ضوء سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم.
و هنا، نسجل أن الله سبحانه لم يزلزل الأرض تحت أرجل كفار قريش الذين نكلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وهموا بقتله وساموا أصحابه سوء العذاب، ولَم يرسل عليهم طوفانا أو صاعقة أو غيرها من أشكال العذاب التي مست المكذِّبين للرسل السابقين؛ بل إن “نبي المرحمة” صلى الله عليه وسلم رفض أن يستجيب لطلب المَلَك الذي هم أن يطبق على أعدائه الأخشبين، ودعا لهم بالهداية، آمِلا أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده و يوحده، حيث ظل يرفع دعاءه بقوله: “اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون”، و لم يدعُ عليهم كما فعل النبي نوح عليه السلام: “وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا، إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا ” (نوح، الآية 26-27). وسيرة الرحمة المهداة شملت بهذه الرحمة المسلمين والمنافقين و الكتابيين و الكفار، في السلم والحرب؛ فضلا عن الحيوان والنبات…فكيف لهذه الرحمة أن تنقطع فيحل العذاب والطوفان والإعصار المدمر بمن جاء فيهم رحمةً و هداية؟؟؟
* * *
إن فهم الدين خارج الأفق العقلاني والرحموتي المشار إليه، يضع المسلمين موضع سخرية للعالمين عوض أن يكونوا منبع رحمة للعالمين؛ إذ بدل أن ندعم البحوث الجيولوجية والمناخية ونطور من أساليب مقاومة هذه الظواهر الطبيعية، ونعمل على تسخيرها لما فيه نفع البشرية، ونتضامن مع المنكوبين ونساعدهم وندعو لكل الناس باللطف و النجاة أكانوا “إخوة لنا في الدين” أم “نظراء لنا في الخلق”، حد عبارة الإمام علي كرم الله وجهه، فإننا نكرس باسم الدين تفسيراتٍ غير مقبولة دينا و عقلا، و من ثم نضع ديننا ضد العقل والعلم، وكل دين وُضع ضدهما فسينهزم لا محالة كما يعلمنا التاريخ. فيما ديننا الحنيف يستوعب العلمَ و العقل دون أن يفرط في تعاليه و روحانيته. ذاك ما لم تدرك أعماقَه القراءة “الدينية” المنغلقة، والعاجزة عن استيعابِ الأفق الكوني للمعقولية الروحية والإنسية التي تميِّزُ الإسلام بما هو دين الرحمة للعالمين؛ الدين الذي بعث نبيه بالرحمة لسائر البشرية أكانت “أمة استجابة” أم “أمة دعوة”. ومن علامات هذه الرحمة، كما أشرنا، تأجيل العذاب ليوم لا ريب فيه، وعدم تعجيل مؤاخذة أهل المخالفة والظلم بجرائرهم الدنيوية، و تمتيعهم بحرية التعقل والمساءلة والحوار مع الوحي الإلهي طيلة حياتهم، دون قطع هذه الحرية بالمؤاخذة على ظلمهم أنفسَهم بالمعاصي والذنوب، أو إغلاق باب التوبة في وجوههم ما دامت الأنفاس سارية في أشباحهم. قال تعالى: “وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُم إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ” (سورة النحل، الآية 26). يقول العارف المغربي محمد الحراق في هذا المعنى:
ربٌّ غفورٌ لو يُواخذُ خلقهُ – لم يُبقِ دياراً من الأحياءِ
لكنهُ غمرَ الجميعَ بجودهِ – و الحلمُ يرغِمُ أنفسَ اللؤماءِ
إنه الحِلمُ الإلهي الذي يجعل العقولَ تتعبد عن معرفةٍ، والقلوبَ تتشوق إليه عن محبة، مثلما يجعل المؤمن نموذجا حيا لأخلاقِ الرحمة حيال الإنسانية و الوجود في السراء والضراء.”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض